معكوفاً ، ولاَعولتُ إعوالَ الثكلى على جليل الرزيّة ، فبعينِ الله تُدفَنُ ابنتُك سرّاً ... ولم يَطُل العهد ، ولم يَخلُ منك الذّكر ، فإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك أجمل العزاء ، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته (١).
وفي هذه الندبة التصريح بأنّ المستولين قلّلوا أو حاولوا التقليل من شأن الرسول صلىاللهعليهوآله وأهل بيته ، وذلك بعد وفاته مباشرة ولمّا يخلق الذكر ، وأنّ أمير المؤمنين علياً لو استطاع لجعل مقام رسول الله في محلّه الرفيع الذي وضعه الله فيه ، لكنّ الظروف القاسية التي كانت محيطة به لم تتح له الفرصة ، فقلّ ذكر النبيّ عند مَن اشتغلوا بمشاغل الدنيا وتركوا النبيّ وذكره أو كادوا ، وهذا ممّا جعل الإمام يقول : لجعلتُ المقام عند قبرك لزاماً ، واللبث عنده معكوفاً.
وقد أشارت فاطمة الزهراء في خطبتها التي خطبتها في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى هذه المسألة نفسها ، وأنّ هناك قوماً حاولوا إطفاء نور الله وخفض منزلة النبيّ صلىاللهعليهوآله مع قرب العهد وحَداثة ارتحال النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقالت :
فلمّا اختارَ اللهُ لنبيّه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ، ظهرت فيكم حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ... هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا يندمل ، والرسول لمّا يُقبَر .... ثمّ أخذتم تورون وقدتَها ، وتهيجون جمرتَها ، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي ، وإطفاء أنوار الدين الجَليّ ، وإهمال سُنَن النبيّ
__________________
(١) مصنّفات الشيخ المفيد ١٣ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ المجلس ٣٣ ، ح ٧ ، أمالي الطوسي : ١١٠ ، الكافي ١ : ٤٥٩ ، دلائل الإمامة ١٣٨.