أيّها الناس ، أُعطينا سِتّاً وفُضّلنا بسبع ، أُعطينا العلم والحلم ... وفُضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار محمّد ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا الطيّار ، ومنا أسد الله وأسد الرسول ، ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنّا سبطا هذه الأمّة وسيّدا شباب أهل الجنة ، فمَن عَرَفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني أنبأتُه بحسبي ونسبي : انا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ... أنا ابن من حُمِلَ على البراق في الهوا ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فسبحان من أسرى ، أنا ابن من بَلَغ به جبرئيل إلى سِدرة المنتهى ، أنا ابن مَن دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمّد المصطفى ... (١)
قال : ولم يزل يقول : أنا أنا حتّى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذن أن يؤذّن فقطع عليه الكلام وسكت.
فلمّا قال المؤذّن : «الله اكبر» قال عليّ بن الحسين : كبّرتَ كبيراً لا يقاس ، ولا يُدرَك بالحواس ، ولا شيء أكبر من الله.
فلمّا قال : «أشهد أن لا إله إلاّ الله» قال عليّ بن الحسين : شَهِد بها شَعري وبَشري ولحمي ودمي ومخّي وعظمي.
فلمّا قال : «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» التفت عليّ بن الحسين من أعلى المنبر إلى يزيد وقال : يا يزيد! محمّدٌ هذا جدّي أم جدّك؟ فإن زعمت أنّه جدّك فقد
__________________
(١) كفاية الأثر ١٩٨.