وكان آخره اسم «الله» ليطابق البداءة ، إشارة إلى أنَّه الأوّل والآخِر في كلّ شيء ، قال القاضي : «ثمّ كرّر ذلك عند إقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها ، وفي ذلك تأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان ، ليدخل المصلّي فيها على بيّنة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظيم حقّ مَن عبده وجزيل ثوابه على عباده (١).
وقد علّق ابن علان على كلام القاضي عياض بقوله : (قلتُ : قال ابن حجر في شرح المشكاة : وللاعتناء بشأن هذا المقام الأكبر كرّر الدالّ عليه أربعاً إشعاراً بعظيم رفعته ، وكأنّ حكمة خصوص الأربع أنَّ القصد بهذا التكرير تطهير شهود النفس بشهود ذلك عن شهواتها الناشئة عن طبائعها الأربعة الناشئة عن أخلاطها الأربعة.
وفي شرح العباب له : (وكأنَّ حكمة الأربع أنَّ الطبائع أربعة لكلٍّ منها كمال ونقص يخصّه بإزاء كلّ منها كلمة من تلك ليزيد في كمالها ويطهّر نقصها ، وكذا يقال بذلك في كلّ محلّ ورد فيه التربيع) (٢).
وقال القرطبيّ وغيره : (الأذان على قلّة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة ، لأنّه بدأ بالأكبريّة وهي تتضمّن وجود الله وكماله ، ثمّ ثنّى بالتوحيد ونفي الشرك ، ثمّ بإثبات الرسالة لمحمّد صلىاللهعليهوآله.
ثمّ إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة ، لأنّها لا تُعرف إلاَّ من جهة الرسول.
__________________
(١) انظر : الفتوحات الربّانيّة على الأذكار النوويّة ٢ : ٨٤.
(٢) الفتوحات الربانية ٢ : ٨٣.