أشار إليه الشريف المرتضى (ت ٤٣٦ هـ) بقوله :
وقد روت العامة أنّ ذلك مما كان يقال من بعض أيّام النبيّ وإنّما ادُّعي أنّ ذلك نُسِخَ ورُفِعَ ، وعلى من ادّعى النسخ الدلالة له وما يجدها.
وممّا يضحك الثكلى أنّ البعض أسرف للغاية ؛ حيث رفض جزئية حيّ على خير العمل ، مدّعياً أنّ الشيعة هم الذين أوجدوها وحشروها في كتب أهل السنة والجماعة لأنّ بقيّة الفرق الإسلاميّة لا تقول بذلك ، كما أنَّ صحاحهم ومسانيدهم قد خلت من «حيّ على خير العمل».
وأمام احتمال طرح مثل هذه الشبهة ، نقول : إنَّ هذه القضيّة لم تختصّ بالطالبيّين دون غيرهم على ما ضبطته لنا صفحات تاريخ السنّة والسيرة ، بل أقرّها عدد من الصحابة وعملوا بها ، ويكفينا أن نذكر هنا اسم ابن عمر فقط لأنّه الصحابي الذي كان مورد اعتماد أهل السنة والجماعة في فترات متعاقبة من التاريخ ، حتّى أنَّ المنصور العبّاسيّ قد وجّه مالكاً حين تدوين كتاب «الموطّأ» بقوله : هل أخذت بأحاديث ابن عمر؟
قال : نعم.
قال المنصور : خذ بقوله وان خالف عليّاً وابن عباس (١).
وعلى ضوء هذا الأمر الحكومي يمكننا القول : إنّ الدولة العبّاسيّة قد اعتبرت فقه ابن عمر معياراً ومقياساً شاخصاً لتدوين السنّة ، لأنّه لم يكن شخصاً عاديّاً ، بل كانت شخصيته ذات أبعاد مبطّنة ، وفي هذا المجال رأيناه يضفي على حياته هالة من القدسيّة في اقتفاء آثار النبيّ ومتابعته.
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ : ١٤٧.