فما يعني هذا اذاً؟
ونحن قد بيّنّا أنّ ثمّة اتفاقاً بين الفريقين على ثبوت «حيّ على خير العمل» في عهد رسول الله واستمرّ ذلك إلى أن جاء المنع من قبل عمر بن الخطاب ، وبهذا تتأكّد شرعيّة وثبوت «حيَّ على خير العمل» إلى أنّ حكم عمر بن الخطّاب بعدم شرعيّتها ، وعلى هذا الأساس فإنّ «حيّ على خير العمل» هي السنّة الحقّة وما خالفها ليس من سنّة الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآله.
أمّا الإجابة على إشكالهم الثاني فهي غير مبتورة عن الإجابة على الإشكال الأوّل ، إذ أنّ امتداد الإجابة بمثابة الردّ الفاصل على إشكالهم الثاني ، لأنّهم يقولون بأنّ الروايات التي وردت فيها الحيعلة الثالثة «حيّ على خير العمل» ضعيفة السند ، لأنّ أغلب رواتها من الضعاف ... وهنا لابدّ لنا من الخوض في بحث منهجي مبنائيّ معهم ليكون حديثنا أكثر علميّة وأدقّ توجيهاً ، فنقول :
هل ضوابط الجرح والتعديل المتّبعة في توثيق وتضعيف الرجال هي ضوابط قرآنيّة ، أو هي مبنيّة على الهوى والهوس ، أو تتحكّم بها الطائفيّة ، كأن يكون للشافعيّة ضوابطهم الخاصّة بهم ، وكذا للمالكيّة والحنفية وغيرهم.
فقد خدش ابن معين وأحمد بن صالح في الإمام الشافعيّ (١).
وذكر الخطيب البغداديّ أسماء الذين ردّوا على الإمام أبي حنيفة (٢).
وقال الرازي في رسالة ترجيح مذهب الشافعيّ ما يظهر منه أنّ البخاري عدّ أبا حنيفة من الضعفاء في حين لم يذكر الشافعيّ (٣).
__________________
(١) انظر : هامش تهذيب الكمال ٢٤ : ٣٨٠.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٧٠ وفيه اسم ٣٥ رجلاً تكلّموا في الإمام أبي حنيفة.
(٣) طبقات الشافعية ٢ : ١١٨.