التوحيد (١).
وقد سئل الشريف المرتضى : «هل يجب في الأذان بعد قول «حيّ على خير العمل» «محمّد وعلي خير البشر»؟ فأجاب قائلا : «إن قال : محمّد وعلي خير البشر ـ على أنّ ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان ـ جاز» (٢).
وهذا يعني أنّ هذا التفسير لحي على خير العمل كان سائداً في لسان المتشرعة منذ زمن أهل البيت وحتّى يومنا هذا.
__________________
(١) تفسير القمّي ٢ : ١٥٥ عن الباقر ، ونحوه عن الصادق عليهالسلام في التوحيد وبصائر الدرجات.
ولا يخفى عليك أن للتوحيد مراتب ، فهناك توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الطاعة ، فانّه سبحانه وتعالى مع كونه (لم يكن له كفواً أحد) ـ و (هو الله الواحد القهار) ، و (خالق كل شيء) ، وهو الذي (يتوفى الأنفس حين موتها) ، ـ فإنّ هذا المعنى غيرُ معارَض بمثل قوله تعالى : (حتى إذا جاء أحدكم الموتُ توفّته رُسُلنا).
وإن قوله تعالى (وإذا مَرِضتُ فهو يشفين) لا يعارض ما جاء من الشفاء بالقرآن في قوله تعالى : (وننزل من القرآن ما هو شِفاء) وبالعسل (فيه شفاء للناس).
وكذا قوله : (قل لا يَعْلمُ من في السماوات والأرض الغيبَ إلاّ الله) فإنه لا يعارض قوله (وما كان الله ليُطلعكم على الغيب ولكنّ الله يجتبي من رُسُلِه مَن يَشاء) وإلى غيرها من عشرات الآيات.
فلا تخالُفَ إذاً بين نسبة الافعال إلى الله جل جلاله ونسبتها في الوقت نفسه إلى غيره ، فلا يخالف قوله : (أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) مع قوله : (وارزقوهم فيها واكْسُوهُم) وكلاهما من كلام الباري. ومن هنا تأتي مسألة التوحيد ، فتوحيد الطاعة هو يعني لزوم إطاعة من أمر الله بطاعته ، ومن لا يطيع الرسول وأولي الأمر المفروض طاعتهم فانه لم يطع الله لقوله تعالى : (وما ارسلنا من رسول إلاّ ليطاع بإذن الله) وهذا لا يخالف قوله : (وما أُمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين) فطاعة من أمر الله بطاعته هي طاعة لله ، ومن لم يطع الله ورسوله ومَن أَمر الله بطاعته لم يوحّد الله تعالى حق توحيده.
وعليه فطاعة أحدهما جاء على وجه الاستقلال ، والآخر على أنّه مظهر أمره سبحانه ، وليس هذا بشرك أو مغالاة كما يدّعون ، بل هو عين الإيمان وكمال الدين.
(٢) رسائل المرتضى ١ : ٢٧٩ ، مسأله ١٧ ، وجواهر الفقه لابن البراج : ٢٥٧ مسألة ١٥.