كان بمحضر الرسول ، أمّا جملة (فخرج يجر رداءه) فتشير إلى أنَّه سمع الأذان وهو في بيته.
قال القسطلاني في إرشاد الساري ـ بعد أن أتى بخبر ابن عمر السابق الذكر ـ : (كان المسلمون حين قدموا المدينة) ؛ قال الحافظ ابن حجر بأنَّ سياق حديث عبدالله بن زيد يخالف ذلك ، فإنَّ فيه أنَّه لمّا قصَّ رؤياه على النبيِّ ، قال : فسمع عمر الصوت فخرج فأتى النبيَّ فقال : رأيتُ مِثل الذي رأى. فدلَّ على أنَّ عمر لم يكن حاضراً لمّا قصَّ عبدالله.
قال : والظاهر أنّ إشارة عمر بإرسال رجل ينادي بالصلاة كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه ، وأنَّ رؤيا عبدالله كانت بعد ذلك ؛ وتعقّبه العينيّ بما رواه أبو داود عن أبي بشر ، عن أبي عمير ، عن أنس ، عن عمومة له من الأنصار ، أنّ عبدالله بن زيد : قال (إذ أتاني آت فأراني الأذان ، وكان عمر قد رآه قبل ذلك فكتمه ، فقال له النبيُّ : ما منعك أن تخبرنا ...) إلى آخره ، ليس فيه أنَّ عمر سمع الصوت فخرج ؛ فقال : فهو يُقَوي كلام القرطبيّ ويردّ كلام بعضهم ـ أي ابن حجر ـ انتهى.
وأجاب ابن حجر في انتقاض الاعتراض بأنَّه إذا سكت في رواية أبي عمير عن قوله : فسمع عمر الصوت فخرج ، وأثبتها ابن عمر ، إنّما يكون إثبات ذلك دالاً على أنَّه لم يكن حاضراً ، فكيف يعترض بمثل هذا؟! (١).
ومجمل الكلام أنّهم بهذه الوجوه سعوا للجمع بين بعض النصوص ، ولكن أنَّى لهم الجمع في مواردها الأخرى؟ فانهم كلّما رقعوا منها جانباً انخرق منها جانب آخر ، ونحن تركنا مناقشة تلك الروايات سنداً خوفاً من الاطالة ، مكتفين بالتعليق
__________________
(١) إرشاد الساري ٢ : ٣.