وهكذا الحال بالنسبة إلى ما جاء عن عمر وأنّه كان أوّل من سمع أذان جبرئيل في السماء ثمّ بلال ، أو ما حكي عنه من أنّه أضاف الشهادة بالنبوة في الأذان بعد أن كانت فيه الشهادة بالتوحيد فقط ، فإنّه لا يتّفق مع تشريع الأذان في المسرى.
وكذا القول بأنّ أبا بكر كان أوّل مَن أخبر رسولَ الله بالأذان ـ كما في خبر جامع المسانيد ـ فهو يخالف المشهور بين المحدّثين من أنّ عبدالله بن زيد الأنصاريّ كان أوّل مَن أخبر رسول الله بمنامه.
وكذا الحال بالنسبة إلى ما اشتهر عن عبدالله بن زيد وأنّه أخبر رسول الله في الصّباح ـ بعد أن نام بالليل ـ لقوله : (فلمّا أصبحتُ أتيت رسول الله) أو : (فلما غدا ...) وهو يخالف ما قاله الحافظ الدمياطي في سيرته من أنّ عبدالله بن زيد أتى رسول الله ليلاً وأخبره (١).
وقد حاول الحلبيّ الجمع بين القولين ذاهباً إلى عدم المنافاة بينهما ؛ لأنّ جملة : (فلمّا أصبحتُ) أو : (فلمّا غدا) إشارة إلى مقاربة الوقت للصباح.
وهذا تأويل بعيد يخالف الظاهر ، لأن المتبادر من كلمة (فلما اصبحت) أو (غدوت) صريح في الصبح ، فكان على الحلبي أن يخطّئ نقل الحافظ الدمياطي وهو خير له من أن يقول بهذا القول.
وكذا الحال بالنسبة إلى عمر بن الخطّاب ، ففي بعض النصوص نراه يخرج حينما سمع الأذان (وهو في بيته يجرّ رداءه) ، وفي بعض آخر نراه يقترح على رسول الله بقوله : (أوَ لا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟) ، فـ (فخرج يجر رداءه) يختلف مع (أو لا تبعثون) لكون الثاني يشير إلى أنَّ الأذان شُرِّعَ باقتراح عمر ابن الخطّاب وأنَّه
__________________
(١) انظر : السيرة الحلبية ٢ : ٢٩٩.