ادْعُهُنَّ يَأْتِيَنَّكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١) ، وقوله تعالى : (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) (٢) صريحٌ بإحضار (من عنده علم من الكتاب) لعرش بلقيس من اقصى اليمن إلى اقصى الشام في مقدار لمح البصر ، وهو يشبه ما قاله سبحانه عن الرياح وأنّها كانت تسير بسليمان (غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) (٣) في لحظة واحدة ، إلى غيرها من عشرات بل مئات الموارد.
إذاً رسالة الإسلام هي رسالة الغيب والإيمان بما خلق الله من الجنِ والملك والروح و ... والمسلم هو الذي يسلم بالغيب ويؤمن به لقوله تعالى : (الذينَ يؤمنون بالغيب) (٤).
فلو كان معراج النبيّ محمّد في ليلة واحدة ممتنعاً لكان القول بنزول آدم من الجنّة وإصعاد عيسى إلى السماء ممتنعاً ، بل لسرى الشك في المعجزات لأنّها في أصلها خرقٌ للقوانين المادية.
وعليه فهذه الرؤية طرحت لبذر الشكّ في قلوب المؤمنين من قبل (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ) (٥) أو (الذينَ لا يؤمنون) (٦) في حين أنّ رسالة السماء معناها الغيب والماورائيات وهي تتفق مع الإسراء وما جاء فيه ، وهذا ما لا تدركه عقول هؤلاء من الامتحان الإلهيّ الذي سُنّ ليمحّص الله به المؤمنين ويميزهم عن الكافرين
__________________
(١) البقرة : ٢٦٠.
(٢) النمل : ٤٠.
(٣) سبأ : ١٢.
(٤) البقرة : ٣.
(٥) المائدة : ٥٢ ، التوبة : ١٢٥ ، الأنفال : ٤٩.
(٦) النحل : ٢٢.