الحكم : «سمعتُ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لأبيك وجدّك : إنّكم الشجرة الملعونة في القرآن».
فعلى هذا معنى إحاطته تعالى بالناس إحاطة أقداره بهم ، والكلام على ما قيل على حذف مضاف ، أي «وما جعلنا تعبير الرؤيا» أو الرؤيا فيه مجاز عن تعبيرها ، ومعنى جعل ذلك فتنة للناس جعله بلاء لهم ومختبراً ، وبذلك فسره ابن المسيب.
وكان هذا بالنسبة إلى خلفائهم الذين فعلوا ما فعلوا ، وعدلوا عن سنن الحقّ وما عدلوا ، وما بعده بالنسبة إلى ما عدا خلفاءهم منهم ، ممن كان عندهم عاملاً وللخبائث عاملاً ، أو ممن كان من أعوانهم كيفما كان.
ويحتمل أن يكون المراد «ما جعلنا خلافتهم وما جعلناهم أنفسهم إلاّ فتنة» ، وفيه من المبالغة في ذمهم ما فيه. وجعل ضمير (وَنُخَوِّفُهُمْ) على هذا لما كان له أوّلاً ، أو للشجرة باعتبار أن المراد بها بنو أميّة ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة ، والفروج المحصنة ، وأخذ الأموال من غير حلها ومنع الحقوق عن أهلها ، وتبديل الأحكام ، والحكم بغير ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام ، إلى غير ذلك من القبائح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد تُنسى ما دامت الليالي والأيام.
وجاء لعنهم في القرآن ، إما على الخصوص كما زعمته الشيعة ، أو على العموم كما نقول ، فقد قال سبحانه وتعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) وقال عزّوجلّ : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) إلى آيات أخر ، ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولا أوّليّاً (١) ، انتهى موضع
__________________
(١) تفسير روح المعاني ١٥ : ١٠٧ ـ ١٠٨ ، هذا ومن المفيد الرجوع إلى التفسير الكبير للرازي