والجواب عن الأصل : بالخروج عنه بما تقدم (١) وعن الخبرين : بعدم مقاومتهما لمعارضة المتقدم (٢) الصريح في صحة الوصية وانتقال حق القبول الى الوارث ، مع اعتضاده بالشهرة فتوى ورواية ، ومخالفته لفتوى من كان الرشد في خلافه (٣) ، فليحمل الخبران على التقية. بل وفي العدول عن التصريح في الجواب فيهما إشعار بذلك ، فان قوله (ع) (ليس بشيء) يحتمل قويا : إرادة أن الموت ليس بشيء ينقض الوصية ، كما يعطيه تذكير الضمير المستتر في (ليس).
واحتج من ذهب الى القول الثالث : بالبطلان فيما لو مات قبل موت الموصي : بالأصل ، والخبرين الأخيرين ، وبالصحة فيما لو مات بعده بخبري :
المثنى والساباطي ، بعد تقييد إطلاقهما بالخبرين الأخيرين : حملا للمطلق على المقيد. وبناء هذا القول على طرح حديث محمد بن قيس ، مع كونه نصا على الصحة في صورة التقدم. وبما ذكرناه ظهر لك ضعف هذا القول أيضا.
وأما الرابع : فإن أريد تخصيص البطلان بما إذا اشترط الموصي خصوصية الموصى له دون وارثه ، فهو حسن ، بل الظاهر انتفاء الخلاف في ذلك ـ كما قيل ـ وان أوهمه إطلاق كلام الأكثر ، إذ لا مجال للتسرية إلى الوارث مع التصريح بالاختصاص بالمورث وإن أريد به التخصيص مع اختصاص الداعي إذا دلت القرائن على كون الباعث على الوصية اختصاص الموصى له بمزيد علم أو صلاح ونحو ذلك ، ففيه خروج عن ظاهر النص والفتوى من دون داع ، فإن الدواعي لا يلتفت إليها في
__________________
(١) من أقوائية القول الأول بالانتقال إلى وارث الموصى له.
(٢) وهو خبر محمد بن قيس الآنف الذكر.
(٣) إشارة الى أحد المرجحات السندية الواردة على لسان الأئمة الأطهار (ع) في مقام تعارض الخبرين ، وهي قوله (ع) : «خذ بما خالف العامة فإن الرشد في خلافهم». ومذهب أكثر العامة هو البطلان.