وتوضيح ذلك : إنك إذا عرضت على نفسك خبراً من الأخبار فأنت لا تخلو عن إحدى حالات أربع : إما أنك لا تجوز إلا طرفاً واحداً منه إما وقوع الخبر أو عدم وقوعه ، وإما أن تجوز الطرفين وتحتملهما معاً. والأول هو اليقين. والثاني وهو تجويز الطرفين له ثلاث صور ، لأنه لا يخلو إما أن يتساوى الطرفان في الاحتمال أو يترجح أحدهما على الآخر : فإن تساوى الطرفان فهو المسمى (بالشك) وإن ترجح أحدهما فإن كان الراجح مضمون الخبر ووقوعه (١) فهو (الظن) الذي هو من أقسام التصديق. وإن كان الراجح الطرف الآخر فهو (الوهم) الذي هو من أقسام الجهل (٢) وهو عكس الظن. فتكون الحالات أربعاً ، ولا خامسة لها :
١ ـ (اليقين) وهو أن تصدق بمضمون الخبر ولا تحتمل كذبه أو تصدق بعدمه ولا تحتمل صدقه ، أي أنك تصدق به على نحو الجزم وهو أعلى قسمي التصديق. (*)
__________________
(١) لا يخفى عليك : أن الصحيح أن يقال بدلها : فالراجح سواء كان هو مضمون الخبر أو عدمه هو الظن. والمرجوح كذلك هو الوهم. فإن الراجح ظن سواء كان هو مضمون الخبر أو عدمه. وهكذا الأمر في المرجوح ، وقد صرح هو بما ذكرنا عند تفصيل ما أجمله هنا حيث قال :
٢ ـ الظن وهو أن ترجح مضمون الخبر أو عدمه ... ٣ ـ الوهم وهو أن تحتمل مضمون الخبر أو عدمه.
(٢) لا يخفى عليك : أنه من أقسام الجهل التصديقي لا الجهل المطلق ، فإن الوهم من أقسام التصور ، كما صرح به سابقا بقوله : النسبة في الخبر عند الشك فيها أو توهمها.
(*) ولليقين معنى آخر في اصطلاحهم وهو خصوص التصديق الجازم المطابق للواقع لا عن التقليد وهو أخص من معناه المذكور في المتن لان المقصود به التصديق الجازم المطابق للواقع سواء كان عن تقليد او لا (١).
__________________
١ ـ لايخفى عليك : أنّه لا يعتبر في اليقين بمعناه المذكور في المتن الّذي هو احد قسمي التصديق كونه مطابقاً للواقع ؛ بل هو مطلق الاعتقاد الجازم ، كما هو ظاهر عبارته قدس سره في المتن. ولكنّه إنّما قيّده بذلك هنا لما زعمه قدس سره من عدم كون الجهل المركّب من التصديق، بل من العلم. ولعلّ منشأ ذلك الزعم هو كون التصديق: هو اعتقاد أن النسبة مطابقة للواقع،