النسبة الواقعية في نفس الامر التي هي اما الوجوب او الامتناع او الامکان ولا يجب أن تفهم وتتصور في مقام توجه النظر الى القضية فقد تفهم وتبين في العبارة وقد لا تفهم ولا تبين. واما الجهة فهي خصوص ما يفهم ويتصور من کيفية نسبة القضية عند النظر فيها فاذا لم يفهم شيء من کيفية النسبة فالجهة مفقودة أي ان القضية لا جهة لها حينئذ.
وهي أي الجهة (١) لا يجب أن تکون مطابقة للمادة الواقعية فقد تطابقها وقد لا تطابقها.
فاذا قلت : (الانسان حيوان بالضرورة) فان المادة الواقعية هي الضرورة والجهة فيها أيضا الضرورة فقد طابقت في هذا المثال الجهة المادة وبتعبير آخر إن المادة الواقعية قد فهمت وبينت بنفسها في هذه القضية.
واما اذا قلت في المثال : (الانسان يمکن ان يکون حيوانا) فان المادة في هذه القضية هي الضرورة لا تتبدل لان الواقع لا يتبدل بتبدل التعبير والادراک. ولکن الجهة هنا هي الامکان العام فانه هو المفهوم والمتصور من القضية وهو لا يطابق المادة لانه في طرف الايجاب يتناول الوجوب والامکان الخاص کما تقدم فيجوز ان تکون المادة واقعا هي الضرورة کما في المثال ويجوز ان تکون هي الامکان الخاص کما لو کانت القضية هکذا (الانسان يمکن ان يکون کاتبا).
وهکذا لو قلت (الانسان حيوان دائما) فان المادة هي الضرورة والجهة هي الدوام الذي يصدق مع الوجود والامکان الخاص لان الممکن بالامکان الخاص قد يکون دائم الثبوت کحرکة القمر مثلا وکزرقة العين فلم تطابق الجهة المادة هنا.
__________________
(١) لا يخفى عليك : أن هذا فرق آخر بين الجهة والمادة ، فلو عبر (قدس سره) بقولنا : وأيضا إن الجهة ... لعله كان أولى.