١ ـ (المنافرات) المتعلقة بالحاصل فعلا فان قرار الخطيب فضيلته أو نفعه سميت (مدحا) وان قرر ضد ذلک سميت (ذما).
٢ ـ (المشاجرات) وتسمي (الخصاميات) أيضا وهي المتعلقة بالحاصل سابقا. ولا بد أن تکون الخطابة لاجل تقرير وصول فائدته ونفعه أو ما فيه من عدل وانصاف ان کان نافعا ولاجل تقرير وصول ضرره أو ما فيه من ظلم وعدوان. فمن الجهة الاولي تسمي الخطابة (شکرا) اما اصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره. وانما سميت کذلک لان تقرير الخطيب يکون اعترافا منه للمخاطبين بفضيلة ذلک الشيء فلا يقع فيه نزاع منهم. ومن الجهة الثانية تسمي الخطابة (شکاية) أما عن نفسه أو عن غيره. والمدافع يسمي (معتذرا) والمعترف به (نادما).
٣ ـ (المشاورات) المتعلقة بما يقع في المستقبل. ولا محالة ان الخطابة حينئذ لا تکون من جهة وجوده أو عدمه فان هذا ليس شأن هذه الصناعة. بل لا بد أن تکون من جهة ما فيه من نفع وفائدة فينبغي أن يفعل فتکون الخطابة فيه ترغيبا وتشويقا واذنا في فعله. أو من جهة ما فيه من ضرر وخسارة فينبغي ألا يفعل فتکون الخطابة فيه تحذيرا وتخويفا ومنعا من فعله.
* * *
فهذه الانواع الثلاثة هي الاغراض الاصلية التي تقع للخطيب وقد يتوصل الى غرضه ببيان أمور تقع في طريقه وتکون ممهدة للوصول اليه ومعينة للاقناع وتسمي (التصديرات) مثل ان يمدح شيئا أو شخصا فينتقل منه الى المشاورة للتنظير بما وقع أو لغير ذلک.
والتشبيب الذي يستعمله الشعراء سابقا في صدر مدائحهم من هذا القبيل فان الغرض الاصلي هو المدح والتشبيب تصدر به القصيدة للتوصل اليه. وکثيرا ما لا يکون الشاعر عاشقا وانما يتشبه به اتباعا لعادة الشعراء.