قبل الشروع وترنم المغني في ابتداء الغناء. وکذلک کل امر ذي بال يراد منه لفت الانظار اليه ينبغي تصديره بشيء مؤذن به.
والاحسن في الخطابة ان يکون التصدير مشعرا بالمقصود وملوحا له لانه انما يؤتي به لفائدة تهيئة المستمعين لتقبل الغرض المقصود. ولاجل هذا يفتتح خطباء المنبر الحسيني خطاباتهم بالصلاة على الحسين عليه السلام والتظلم له. ويفتتح الکتاب رسائلهم بالبسملة ونحوها وبالسلام والشوق الى المرسل اليه وبما قد يشعر بالمراد کما هو المألوف عند اصحاب الرسائل في العصور المتقدمة.
ولکن ينبغي للخطيب أو الکاتب اذا رأي ان التصدير مما لا بد منه ان يلاحظ فيه أمرين :
١ ـ ألا يفتتح خطابه بما ينفر المخاطبين أو يثير سخطهم کأن يأتي مثلا بما يشعر بالتشاؤم في موضع التهنئة والفرح والسرور أو ما يشعر بالسرور في موضع التعزية والحزن أو يعبر بما يشعر بتعاظمه على المخاطبين ونحو ذلک.
٢ ـ ان يحاول الاختصار جهد الامکان بشرط ان يورده بعبارة مفهمة متينة فان الاطالة في التصدير يضجر المخاطبين فينتقض عليه الغرض قبل الوصول الى مطلوبه الا اذا کان استدراجه لهم يتوقف على الاطالة کما لو أراد أن يذم خصما او فعلا او يثني على نفسه او رأيه.
وعلى کل حال ان التصدير بالکلام المکرر المألوف أو الطالته بالکلام الفارغ من اشنع ما يصنعه بعض الخطباء والکتاب وهو على العجز اکثر منه دليلا على المقدرة کما ان الافضل في الاعتذار ان يترک التصدير اصلا. لانه قد يثير الظن بانه يريد التعلل والتهرب من الجواب والدفاع.
الثاني (الاقتصاص) وهو ما يذکر بيانا على التصديق بالمطلوب وشارحا له بقصة صغيرة تؤيده فان القصة من أروع ما يعين على الاقناع