وفي كلمة (المتعاقبان على موضوع واحد) يفهم أن الضدين لا بد أن يكونا صفتين ، فالذاتان مثل إنسان وفرس لا يسميان بالضدين. وكذا الحيوان والحجر ونحوهما. بل مثل هذه تدخل في المعاني المتخالفة ، كما تقدم.
وبكلمة «لا يتوقف تعقل أحدهما على تعقل الآخر» يخرج المتضايفان ، لأنهما أمران وجوديان أيضاً ولا يتصور اجتماعهما فيه من جهة واحدة ، ولكن تعقل أحدهما يتوقف على تعقل الآخر. وسيأتي.
٤ ـ (تقابل المتضايفين) (١) مثل : الأب والابن ، الفوق والتحت ، المتقد والمتأخر ، العلة والمعلول ، الخالق (٢) والمخلوق وأنت إذا لاحظت هذه الأمثلة تجد :
(اولاً) إنك إذا تعلقت أحد المتقابلين منها لا بد أن تتعقل معه مقابلة الآخر : فإذا تعقلت أن هذا أب أو علة لا بد أن تتعقل معه أن له ابناً أو معلولاً.
(ثانياً) أن شيئاً واحداً لا يصح أن يكون موضوعاً للمتضايفين من جهة واحدة ، فلا يصح أن يكون شخص أباً وابناً لشخص واحد ، نعم يكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وكذا لا يصح أن يكون الشيء فوقاً وتحتاً لنفس ذلك الشيء في وقت واحد. وإنما يكون فوقاً لشيء هو تحت له ، وتحتاً لشيء آخر هو فوقه وهكذا.
(ثالثاً) إن المتقابلين في بعض هذه الأمثلة المذكورة أولاً ، يجوز أن يرتفعا (٣) ، فإن واجب الوجود لا فوق ولا تحت ، والحجر لا أب ولا ابن.
__________________
(١) راجع الجوهر النضيد : ص ١٣ ، ونهاية الحكمة : ص ١٥٠ ، وبداية الحكمة : ص ١٠٤ ، وكشف المراد : ص ١٠٧ ، وتعليقة الأستاذ حسن زاده في المقام.
(٢) الخلق هو الإيجاد عن مادة ، والعلية أعم منه.
(٣) لا يخفى : أنه بعد ما كان ما سوى هذا الأمر من القيود والأحكام معرفا للمتضايفين