على المفهوم وحده ، بأن يکون هو المقصود في الحکم ، کما تقول : (الانسان : حيوان ناطق(١)) فيقال للانسان حينئذ الانسان بالحمل الاولي.
وقد يتعدي نظرک في الحکم الى أبعد من ذلک ، فتنظر الى ما وراء المفهوم ، بأن تلاحظ المفهوم لتجعله حاکياً عن مصداقه ودليلاً عليه ، کما تقول : (الانسان ضاحک) أو (الانسان في خسر) ، فتشير بمفهوم الانسان الى اشخاص افراده وهي المقصودة في الحکم ، وليس ملاحظة المفهوم في الحکم وجعله موضوعاً الا للتوصل الى الحکم على الافراد. فيسمى المفهوم حينئذ (عنواناً) والمصداق (معنوناً). ويقال لهذا الانسان : الانسان بالحمل الشايع.
ولأجل التفرقة بين النظرين نلاحظ الامثلة الآتية :
١ ـ اذا قال النحاة : «الفعل لا يخبر عنه». فقد يعترض عليهم في بادي الرأي ، فيقال لهم : هذا القول منکم اخبار عن الفعل ، فکيف تقولون لا يخبر عنه؟
والجواب : ان الذي وقع في القضية مخبراً عنه ، وموضوعا في القضية هو مفهوم الفعل ، ولکن ليس الحکم له بما هو مفهوم ، بل جعل عنواناً وحاکياً عن مصاديقه وآلة لملاحظتها ، والحکم في الحقيقة راجع للمصاديق نحو ضرب ويضرب. فالفعل الذي له هذا الحکم حقيقة هو الفعل بالحمل الشايع.
٢ ـ واذا قال المنطقي : «الجزئي يمتنع صدقه على کثيرين» ، فقد
__________________
(١) في مقام تعريف الإنسان : حيث إنه في هذا المقام يكون المقصود بالذات بيان مفهوم المعرف. وأما إذا أريد من الإنسان في المثال أفراده ـ وهذه الإرادة ممكنة كمال الإمكان ـ لم يكن مثالا لما رامه ، بل كان من قبيل القسم الثاني. فالأولى ترك هذا المثل والتمثيل بنحو الإنسان كلي. هذا مضافا إلى اشتراك المثال بين ما كان الحمل فيه أوليا وبين ما كان الموضوع مأخوذا بالحمل الأولي.