لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ» (١).
غير أن ذلك كله لا يعني بحال من الأحوال ، أن القرآن الكريم كتاب تاريخ ، يتحدث عن أخبار الأمم ، كما يتحدث عنها المؤرخون ، وإنما هو كتاب هداية وارشاد للتي هي أقوم (٢) ، أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون دستورا للمسلمين ، ومنها جا يسيرون عليه في حياتهم ، ويدعوهم إلى التوحيد (٣) ، وإلى تهذيب النفوس ، وإلى وضع مبادئ للأخلاق (٤) ، وميزان للعدالة (٥) ، واستنباط لبعض الأحكام (٦) ، فإذا ما عرض لحادثة تاريخية ، فانما للعبرة والعظة (٧).
ومع ذلك فيجب ألا يغيب عن بالنا ـ دائما وأبدا ـ أن القصص القرآني إن هو الا الحق الصراح ، وصدق الله العظيم حيث يقول (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (٨) ويقول (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) (٩) ويقول (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) (١٠) ويقول (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٤٤
(٢) سورة الإسراء : آية ٩
(٣) انظر مثلا : في قصة نوح (سورة نوح : آية ٢ ـ ٢٠) وفي قصة يوسف (سورة يوسف آية ٣٧ ـ ٤٠) وفي قصة عيسى (النساء : آية ١٧١ ـ ١٧٢ ، آل عمران : آية ٥٩ ، المائدة : آية ٧١ ، ٧٦)
(٤) انظر مثلا : سورة البقرة : آية ٤٤ ، الأعراف : آية ٨٥ ـ ٨٧ ، هود : آية ٨٤ ـ ٨٨
(٥) انظر مثلا في قصة داود (سورة ص : آية ٢١ ـ ٢٦)
(٦) انظر مثلا في قصة هابيل وقابيل : سورة المائدة : آية ٢٧ ـ ٣٢ ، ٤٢ ـ ٥٠ ، البقرة : آية ١٧٨ ـ ١٧٩
(٧) انظر : عن أهداف القرآن ومقاصده : تفسير المنار ١ / ٢٠٦ ـ ٢٩٣
(٨) سورة النساء : آية ٨٧
(٩) سورة آل عمران : آية ٦٢
(١٠) سورة الكهف : آية ١٣