طريق القوافل بين مصر والعراق» (١).
ومنها ما جاء في ترجمة التوراة السامرية (٢) التي صدرت في ١٨٥١ م ، من أن إسماعيل قد «سكن برية فاران بالحجاز ، وأخذت له أمه امرأة من أرض مصر» ، وأن سفر العدد يفرق بين سيناء وفاران ، إذ جاء فيه أن بني إسرائيل ارتحلوا «من برية سيناء ، فحلت السحابة في برية فاران» ، ولم يسكن أبناء إسماعيل قط في غرب سيناء ، فيقال أن جبل فاران واقع إلى غربها ، وإنما تدل الشواهد القديمة جميعا على وجود فاران في مكة ، أو هي أرض التلال التي بين مكة والمدينة ، ويذهب المؤرخ جيروم واللاهوتي يوسبيوس إلى أن فاران بلد عند بلاد العرب على مسيرة ثلاثة أيام إلى الشرق من أيله (٣).
ومنها ما يراه علماء الإفرنج من أن علاقة بطون اسرائيل الجنوبية بعرب الحجاز وطور سيناء ، أقرب منها إلى قبائل بني إسرائيل الشمالية ، ومنها أن اليهود لو كانوا يريدون استغلال هذه القرابة للتزلف إلى قريش أو العدنانيين ، لكان الأليق والأجدر أن يخترعوا تلك القرابة بينهم وبين الأوس والخزرج الذين يتاخمونهم ويشاركونهم في المواطن والمرافق ، ويرتبطون معهم برباط المعاملة والجوار ، ومنها أن التوراة قد ترجمت إلى اليونانية في عهد بطليموس الثاني (٢٨٥ ـ ٢٤٦ ق. م.) ، وفي صلبها كل النصوص التي تربط العرب الاسماعيلية بالقرابة النسبية مع اليهود ، وذلك قبل رحيل يهود يثرب إلى الحجاز بما يقرب من أربعة قرون (٤).
وهكذا فإن القرائن المتجمعة يجب أن تستوقف نظر الباحث المنزه
__________________
(١) اسرائيل ولفنسون : تاريخ اليهود في بلاد العرب ص ٧٥ ـ ٧٦
(٢) راجع الفرق بين التوراة السامرية والعبرية في كتابنا إسرائيل ص ٢٠
(٣) عباس العقاد : مطلع النور ص ١٤ ـ ١٦
(٤) اسرائيل ولفنسون : المرجع السابق ص ٧٦ ـ ٧٨