باسحاق ، إلا وكان إسماعيل في الرابعة عشرة من عمره ، فإذا كان ذلك كذلك ، فكيف قبل هؤلاء المؤرخون أن لا يزور إبراهيم زوجته وولده ، إلا بإذن من سارة ، فأيهما صواب القوامة على الآخر ، والله سبحانه وتعالى يقول «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ» (١) ، ويقول «وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ» (٢) ، ثم أليس لهاجر في إبراهيم حق كسارة تماما ، والعدل بين النساء أمر لا يحتاج إلى إيضاح ، وليس من شك في أن الخليل عليهالسلام ، كان أعلم بذلك كله ، وأحرص عليه ، من هؤلاء الذين كتبوا ما كتبوا.
ثم ألم يكن إسماعيل ولده ، وله فيه حق كإسحاق تماما ، إن لم يفق حق سارة في إبراهيم ، أم أنه ابن الجارية ـ كما تزعم يهود ، وكما يرد المؤرخون الإسلاميون مزاعم يهود في كتبهم ـ ومن ثم فليس له حق في أبيه ، إلا أن تأذن سارة ، وحتى هذه ، فلست أعرف نوعين من الأبوة ، نوع لابن الحرة ، وآخر لابن الجارية ، ثم وليقرأ هؤلاء صفات هذا وذاك في القرآن الكريم.
وأخيرا ، فهل عرف هؤلاء المؤرخون أن الرحلة من فلسطين إلى مكة في هذه الصحراوات المقفرة ، تحتاج إلى راحة ، بعد عناء السفر ، ومشقة الطريق ، ثم كيف بعد كل هذا يرون أن إبراهيم قدم إلى مكة في إحدى زياراته لولده ، فرفض أن ينزل من على دابته ، رغم إلحاح زوج ولده ، مما اضطرها إلى أن ترجل له شعره ، وتغسله له ، بل ويشرب لبنا ، ويأكل
__________________
(١) سورة النساء : آية ٣٤ ، وانظر تفسير الكشاف ١ / ٥٠٥
(٢) سورة البقرة : آية ٢٢٨ وانظر : تفسير الطبري ٤ / ٥٣٣ ، ٥٣٦ (دار المعارف بمصر) ، تفسير الكشاف ١ / ٢٧٢