الكعبة تماثيل أرباب يعبدها النبط ، يعدّ منها الرواة (١) هبل واللات (٢) ومناة ، التي قيل أنها من المنية بمعنى «القدر المقدور» معبود النبطيين ، وقولهم حانت منيته وحان قدره ، بمعنى واحد عند عباد مناة (٣) ، وربما كان للكلمة صلة بالكلمة الآرامية «مناتا» والعبرية «منا» ، وبكلمة «منية» وجمعها «منايا» في عربية القرآن الكريم ، وهي بذلك تمثل الحظوظ الأماني ـ وبخاصة الموت ـ ومن ثم فهي آلهة القضاء والقدر (٤) ، أضف إلى ذلك أن ارتباط «مني Meni» بـ «جدGad» في العهد القديم ، قد يشير إلى ذلك أيضا ، لأن كلا منهما إنما يعني المستقبل ، وإن كان الأول إنما يعنيه بمعناه الضار في أغلب الأحايين ، على عكس الثاني ، الذي قد يعني الحظ السعيد والمستقبل المشرق (٥).
__________________
(١) الازرقي ١ / ١٢٤ ـ ١٢٨ ، كتاب الأصنام ص ٢٨.
(٢) اللات : من الأصنام القديمة المشهورة عند العرب ، ويبدو أنها قد انتقلت إلى الحجاز على يد عمرو بن لحي من الأنباط والقبائل العربية الشمالية ، وقد كانت صخرة مربعة بيضاء بنت عليها ثقيف بيتا تضاهي به الكعبة المشرفة ، وكانت تخصها بما تخص به قريش العزى ، كما كانت العرب كلها تعظمها كذلك وكانت تحت صخرة اللات حفرة يقال لها «غبغب» حفظت فيها الهدايا والنذور والأموال التي كانت تقدم إلى الصنم ، ولما أسلمت ثقيف بعث رسول الله ، (صلىاللهعليهوسلم) ، المغيرة بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار ، ثم أخذ الأموال التي كانت بالغبغب ، وسلمها إلى أبي سفيان ، امتثالا لأمر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ هذا وقد جاء ذكر اللات ـ بجانب العزى ومناة ـ في القرآن الكريم (سورة النجم : آية ١٩ ـ ٢٣ ، وأنظر : كتاب الأصنام ص ١٦ ، ١٩ ، ٢٧ ، ٤٣ ، ياقوت ٥ / ٤ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٢٥٣ ، محمد عبد المعين خان : الأساطير العربية قبل الإسلام ص ١١٩ ، اللسان ٢ / ٣٨٨ ، جواد علي ٦ / ٢٢٩ ، تاريخ الطبري ٣ / ٩٩ ، البداية والنهاية ١ / ١٤٩ ، ابن هشام ٢ / ٣٢٦ ، موسكاتي : الحضارات السامية القديمة ص ٣٦٠ ، تفسير الطبري ٢٣ / ٦٧ ـ ٦٩ ، روح المعاني ٢٣ / ١٣٥).
(٣) عباس العقاد : المرجع السابق ص ٥٩.
(٤) J. Starcky, Palmyreniens, Nabateens et Arades du Nord avant \' Islam P. P ٤١٢ ـ ٥١٢ J. Wellhausen, Reste Arabischen Heidentums, P. P. ٥٢ ـ ٩٢
(٥) J.Hastings ,op - cit ,P.P.٥٧٢ ,٤٠٦