صورا لإبراهيم وهو يستقسم بالأزلام ، فقال «قاتلهم الله حيث جعلوه شيخا يستقسم بالأزلام» ، هذا وقد حطم الرسول ، (صلىاللهعليهوسلم) ، كل التماثيل والصور (١) ، وهو يقول (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٢).
ووقف المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثاني يوم الفتح ، وخطب خطبته المشهورة ، التي وضع فيها مآثر الجاهلية ، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ثم قال : يا أهل قريش ، ويا أهل مكة : ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم ، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء» ، وهكذا أعتقهم رسول الله ، (صلىاللهعليهوسلم) وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة ، وكانوا له فيئا ـ ومن ثم فقد سمي أهل مكة بالطلقاء ، هذا ولم يحاول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يقضي على نفوذ مكة المهزومة ، فأعلن أنها سوف تبقى حرما آمنا لا يقاتل فيها ، وأن تكون الكعبة هي بيت الله الحرام ، يحج إليها العرب حتى المشركون منهم (٣).
وفي العام التاسع للهجرة (٦٣٠ م) ـ عام الوفود ـ بقي المصطفى (صلىاللهعليهوسلم) في المدينة ، يستقبل الوفود ، حيث كان ما يزال في شبه الجزيرة العربية من لم يؤمن بالله ورسوله ، وإن كانوا في الوقت ، ما يزالون ـ كما كانوا في الجاهلية ـ يحجون إلى الكعبة في الأشهر الحرام ـ كما أشرنا آنفا ـ ومن ثم فليبق الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا بالمدينة ، حتى يتم الله
__________________
(١) السيرة الحلبية ١ / ١٤٤ ، ٣ / ٨٧ ، الروض الانف ٢ / ٢٧٤ ـ ٢٧٦ ، نهاية الأرب ١٧ / ٣١٢ ـ ٣١٤ ، صحيح مسلم ٥ / ١٧٣ ، إرشاء الساري ٧ / ٢١٠ ، العقد الثمين ١ / ١٥٧ ، ٢١٢ ، الازرقي ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، كتاب الأصنام ص ٣١ وما بعدها
(٢) سورة الاسراء : آية ٨١
(٣) تاريخ الطبري ٣ / ٦١ ، البلاذري : فتوح البلدان ص ٤٢ ، النويري ١ / ٢٩٨ ، عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ١٢٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٤ ـ ٤٥ ، مروج الذهب ٢ / ٢٩٠ ، ابن الأثير ٢ / ٢٥٥ ، حياة محمد ص ٤٢٦ ـ ٤٣٠ البداية والنهاية ٤ / ٣٠١