عمد من الرخام ، وقد استغل «لوث» هذه الرواية في تدعيم رأيه القائل بأن اسم «إرم» لا يتصل إلا بالروايات الآرامية (١) ، بخاصة وأن هناك اتجاها يذهب إلى أن عادا ، إنما كانت في شمال بلاد العرب وليس في جنوبها ـ كما أشرنا آنفا ـ على أن «دمشق» وكذا الاسكندرية ـ ليستا من بلد الأحقاف والرمال (٢).
وأما اختيار الاسكندرية ، فقد كان ـ فيما يرى المستشرقون ـ بسبب انتشار قصص الإسكندر الأكبر (٣٥٦ ـ ٣٢٣ ق. م.) في الأساطير العربية الجنوبية ، وبخاصة في كتابات وهب بن منبه ، ومن ثم فقد غدا «شداد بن عاد» بانيا للإسكندرية وأصبح الاسكندر المقدوني ليس إلا مكتشفا لها (٣) ، ويروي المسعودي أن الاسكندر المقدوني إنما اكتشف في موقع الاسكندرية أثرا لكتابة بخط المسند يسجل فيها «شداد بن عاد» أنه كان يبغي أن يبني هنا مدينة كمدينة إرم ، غير أنه كان في عجلة من أمره ، ولعل هذا يفيد أن الإسكندرية ليست إرم ، وإنما مجرد مدينة أراد شداد أن تكون كإرم (٤).
على أن هناك من يرى أنه ليست هناك مدينة في الأصل اسمها «إرم» ، وأن كل ذلك لا يعدو أن يكون أثرا من خيال القصص الذي لعب دورا هاما في ضعاف المفسرين ، ومن ثم فإن «إرم» هي الأمة ـ وربما القبيلة ـ ولكنها ليست المدينة (٥).
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية ٣ / ١٥
(٢) تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٨ ، تفسير الألوسي ٣٠ / ١٢٣ ، تفسير الفخر الرازي ٣١ / ١٦٧
(٣) BASOR ,٣٧ ,٩٣٩١ ,P ,٣١
(٤) تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٦ ـ ٤٧ ، تفسير الألوسي ٨ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ، دائرة المعارف الاسلامية ٣ / ١٥ ـ ١٦ ، مروج الذهب ١ / ٤١٠ ، ياقوت ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥
(٥) تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٩ ، جرجي زيدان : المرجع السابق ص ٦٥ ، قارن : تفسير القرطبي ٢٠ / ٤٥ ـ ٤٦ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٧٥ ـ ١٧٧ ، الفخر الرازي : التفسير الكبير ٣١ / ١٦٧ ـ ١٦٨