أنهم إنما نشئوا في اليمن ، ثم غلبهم الحميريون فأجلوهم إلى الشمال ، فسكنوا منطقة الحجر (١) ، وتلك رواية يناقضها (أولا) ما ذهبنا إليه من قبل ، من أن عادا إنما كانت في شمال شبه الجزيرة العربية وليس في جنوبها ويناقضها (ثانيا) دعواهم بأنهم من العرب العاربة ، وأنهم كانوا قبل عهد إبراهيم عليهالسلام ، والخليل ـ كما أشرنا من قبل ـ إنما كان يعيش في الفترة (حوالي ١٩٤٠ ـ ١٧٦٥ ق. م.) ، بينما بدأ الحميريون ـ كما هو معروف ـ سيادتهم في اليمن في فترة تقرب من الميلاد بقليل أو كثير (٢) ، ومن ثم فالفرق بينهما جد شاسع.
وهناك فريق آخر ، يذهب إلى أنهم بقية من العماليق ، ولعل هذا هو الذي دفع بعضها من المؤرخين المحدثين إلى القول بأن ثمودا ، إنما هم شرذمة من الهكسوس ، الذين طردهم احمس الأول في حوالي عام ١٥٧٥ ق. م. ، من مصر (٣) ، وأنهم سكنوا منطقة الحجر ، حيث نحتوا من الجبال بيوتا على غرار المقابر المصرية القديمة التي شاهدوها أثناء إقامتهم في مصر (٤).
وليس لهذا الرأي من دليل ، سوى أن أصحابه قد افترضوا أن الهكسوس من العماليق ـ الأمر الذي رفضناه في دراستنا عن الهكسوس (٥) ـ وأن الثموديين بقية من هؤلاء العماليق ، فإذا كان ذلك كذلك ، فكيف سكت «احمس» عليهم ، وهو الذي حاصر الهكسوس في «شاروهين» ـ وهو موقع في
__________________
(١) أبو الفداء ١ / ٧٠ ، اللسان ٣ / ١٠٥ ، تاج العروس ٢ / ٣١٢
(٢) عن مبدأ التقويم الحميري : أنظرLe Museon, ٤٦٩١, ٣ ـ ٤, P. P. ٧٠٤ ـ ٩٢٤ F F. Hommel, Geschichte Sudarabiens, I, ٧٣٩١, P. ٦٩ G. Ryckmans, Chronologie Sabeenne
(٣) أنظر كتابنا «حركات التحرير في مصر القديمة» ـ الباب الثاني ـ
(٤) محمد مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٦
(٥) محمد بيومي مهران : المرجع السابق ص ١٣١ ـ ١٣٧