جنوب غرب فلسطين ـ ثلاثة أعوام ، حتى أجلاهم عنها (١) ، بل كيف يترك أحمس بقية منهم يقيمون دويلة ـ أو حتى إمارة صغيرة ـ على تخوم دولته ، وهو الرجل الذي حدثتنا النصوص التاريخية من أيامه ، على أنه قد طارد الهكسوس حتى «زاهي» ، ومعنى هذا أنه لم يطهر مصر منهم فحسب بل طهر كذلك فلسطين ولبنان ، ثم كيف سكت الفراعين على أيام الامبراطورية المصرية (١٥٧٥ ـ ١٠٨٧ ق. م.) على هذه الجيوب المعادية في جنوب الإمبراطورية على حدود فلسطين ـ أو قل على حدود الإمبراطورية مباشرة ـ وفي منطقة تسيطر على طريق القوافل بين مصر وجنوب شبه الجزيرة العربية ، وهي جد هامة.
وأما النحت الذي تعلموه من مصر ، فلا أظن أن ذلك يستدعي اقامتهم في أرض الكنانة ، فوسائل الاتصال بينهم وبين مصر جد كثيرة ، ولعلها قد تسربت عبر البحر الأحمر ضمن المؤثرات المصرية في الحضارة العربية القديمة (٢)
وهناك فريق ثالث يذهب إلى أن الثموديين عرب جنوبيون (٣) ، هاجروا إلى شمال غرب الجزيرة العربية ، كدأب كثير من القبائل الجنوبية التي اشتهرت بكثرة تنقلاتها (٤) ، ولا أظن أن هذا الفريق من المؤرخين المحدثين قد أصاب كثيرا في رأيه هذا ، لأن العادة أن يهاجر الناس من
__________________
(١) أنظر : نفس المرجع السابق ، احمد فخري : مصر الفرعونية ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧ وكذاG. Steindorjf and K. Seele, When Egypt Ruled the East, P. ٢٣
(٢) أنظر مقالنا «العرب وعلاقاتهم الدولية في العصور القديمة»
(٣) أنظرE. Glaser, Skizze der Geschichteumd Georgraphie Arabiens von den altesten Zeiten biscum Propheten Muhammed, ٢, P. ٣٢١ F R. Dussaud, la Penetration des Arabes en Syrie avant L\'Islam, P. ٢٣١ O. Blan, ZDMG, ٢٢, ٨٦٨١, P. P. ٩٥٦ ـ ٣٧٦