«ERATOSTHENES» (٢٧٦ ـ ١٩٤ ق. م.) قد قسم بلاد العرب إلى قسمين ، الواحد شمالي ويسكنه الأنباط ، والآخر جنوبي ، ويسكنه المعينيون والفيتانيون والحضارمة ، وبين الاثنين منطقة وسط ـ هي الحجاز وعسير ـ يسكنها «عرب يقتفون الأثر ويرعون الإبل» (١)» ، وأكبر الظن أن الرجل قد قصد بذلك الثموديين الذين شاهدهم «ارستون» الذي قام برحلته على سواحل البحر الأحمر الشرقية على أيام بطليموس الثاني (٢٨٤ ـ ٢٤٦ ق. م.) وأنهم كانوا ـ طبقا لتقريره ـ يسكنون أراض من الحجاز تقع إلى الجنوب من الأنباط (٢).
وفي القرن الثاني الميلادي نرى «اجاثر شيدس «Agatharchiedes» (١٢٠ م) يشير إلى أن الثموديين إنما كانوا يحتلون وقت ذاك شواطئ البحر الأحمر ، بين الوجه المويلح ، ويصف «ديودور» هذه الشواطئ بأنها تمتد مائة ستاد ، وأنها صخرية شديدة الإنحدار ، وأما «أورانيوس» فثمود ، إنما تقع في رأية على حدود المقاطعة النبطية (٣).
ويبدو أن صاحب كتاب «الطواف حول البحر الأرتيري (٤)» كان يعتمد على موارد أكثر قدما ، فهو يرى أن «Thamundeni» كانوا يقيمون على ساحل صخري طويل ، لا يصلح للملاحة ، فلا خلجان تأوي إليه القوارب اتقاء العواصف من الرياح ، ولا موانئ ترسوا فيها ، أو جزر
__________________
(١)A. Van den Branden, Essai de Solution du Probleme Thamoudeens, BIOR, IS, P. P. ٧ ـ ٨
(٢) فضلو حوراني : المرجع السابق ص ٥٣ ـ ٥٤ ، إبراهيم نصحي : دراسات في تاريخ مصر ص ١٢١ وكذاW.Tarn ,in JEA ,IS ,P.٤١
(٣) الويس موسل : شمال الحجاز ص ٩٢ ، وكذاW. Vincent, The Periplus of the Erythraean Sea, II, P. ٢٦٢
(٤) يحدد البعض تاريخ هذا الكتاب بالفترة (٥٠ ـ ٦٠ م) (فضلو حوراني ص ٥٤) ، ويحدده آخرون لعام ٧٥ م (موسكاتي ص ٧٨) ، أما جاكلين بيرين فتحده يعام ١٠٦ م (Le Royaume Sud - Arabe de Qataban et sa dation P. P. ٧٦١ ـ ٣٩١)