والتي قد أعماها حب التمرد والطغيان ، وأصم آذانها عن قبول دعوة الله ، قد أبت إلا الإجرام ، فاقدموا على عقر الناقة بغيّا وعتوا (١) ، «فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ ، وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ» (٢) ، وهكذا هلك الكافرون بصالح ، إلا رجلا واحدا ـ دعوه أبا رغال ـ كان في حرم الله ، فمنعه حرم الله من عذاب الله (٣) ، وإن أضافت رواية أخرى ، أنه ما أن خرج من الحرم حتى أصابه ما أصاب قومه (٤).
هذه عجالة نلخص بها قصة ثمود ـ كما اوردها ربي جل جلاله في القرآن الكريم ـ إلا أن المؤرخين والمفسرين قد اضافوا إليها كثيرا من أخبار تتعلق بمصير الذين آمنوا مع صالح ، عليهالسلام ، فذهب فريق إلى أنهم إنما سكنوا ناحية الرفلة من فلسطين ، لأنها أقرب بلاد الخصب إليهم ، والعربي إنما يطلب الكلأ لرعي ماشيته ، والأرض ذات الماء ، وذهب فريق آخر إلى أنهم إنما سكنوا مكة ، وأن صالحا إنما توفي بها ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، بينما ذهب فريق ثالث إلى أن موطن المؤمنين الجديد ، إنما كان في حضرموت ، بل وزعم هذا الفريق أن قبر النبي الكريم هناك كذلك (٥).
وهناك من يرى أن ثمودا ، إنما أصيبوا بكارثة عظيمة ، من ثوران براكين ، أو من هزات أرضية ، معتمدا في ذلك على ما ورد في القرآن
__________________
(١) محمد علي الصابوني : المرجع السابق ص ٢٤٥ ، تفسير الطبري ١٢ / ٥٢٨ ـ ٥٣٤ (دار المعارف) ، مروج الذهب ٢ / ١٥ ـ ١٨
(٢) سورة الأعراف : آية ٧٧ ـ ٧٨
(٣) تفسير الطبري ١٢ / ٦٨ ـ ١٤ / ٥٠
(٤) تفسير المنار ٨ / ٥٠٥ ـ ٥٠٦ ، تفسير الطبري ١٢ / ٥٣٨ ، البداية والنهاية ١ / ١٣٧
(٥) تفسير الطبري ١٢ / ٥٣٦ ، روح المعاني ٨ / ١٦٢ ، ١٦٨ ، المقدس ٣ / ٤١ ، مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٦ ، تاريخ الطبري ١ / ٢٣٢