هذه الواحات تابعة لأهل مدين ، وهناك نص طريف لابن منظور في «لسان العرب» عن سبب تسميتها بالأيكة ، وهو أن لفظ الأيكة يعني الشجر الملتف أو الغيضة ، كما يعني كذلك اسم «ليكة» وهي البلد حولها (١) ، أو هي بلدة كانوا يسكنونها ، وإطلاقها على ما ذكر ، إما بطريق النقل أو تسمية المحل باسم الحال فيه ، ثم غلب عليه حتى صار علما (٢) ، وعلى أي حال ، فإن «ليكة» تذكرنا بالكلمة اليونانية «Leuke» ومعناها الأبيض ، والجزء من أطلال مدين الواقع على حافة الغيضة لا زال يعرف بالحوراء ، وهو يعني كذلك البياض (٣).
على أن هناك من يرى أن أصحاب الأيكة غير مدين ، بدليل وصف «شعيب» في الآية (٨٥) من سورة الأعراف ، بأنه أخو مدين ، وعدم وصفه بذلك في الآيتين (١٧٦ ، ١٧٧) من سورة الشعراء ، وبدليل الحديث الذي رواه ابن عساكر مرفوعا إلى عبد الله بن عمرو بن العاص من «أن مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا النبي عليهالسلام» وأن شعيبا إنما أرسل إلى قومه أهل مدين ، وكذا أصحاب الأيكة ، وأنه كان ينذرهم متنقلا بينهم في زمن واحد ، ومن ثم فربما كان عقابها واحدا في زمن واحد أو في وقتين متقاربين ، أهل مدين بالرجفة والصيحة المصاحبة لها ، وأصحاب الأيكة بالسموم وشدة الحر الذي انتهى بظلة من السحاب فزعوا إليها يتبردون بظلها فأطبقت عليهم ، حتى اختنقوا بها أجمعين (٤) ، هكذا يروي السدي وعكرمة «ما بعث الله تعالى نبيا مرتين إلا شعيبا» ، مرة إلى مدين ، فأخذهم
__________________
(١) لسان العرب ١٢ / ٢٧٤ (طبعة بولاق ١٣٠٠ (١٣٠٧) ، شمال الحجاز ص ٧٢
(٢) روح المعاني ١٤ / ٧٥
(٣) شمال الحجاز ص ٧٢
(٤) تفسير المنار ٩ / ١١ ـ ١٢