الذي يرى فيه فريق ثان المؤسس الأصلي للسد ، وليس متمما له ، بينما ذهب فريق ثالث إلى أن ذلك إنما كان لقمان الأكبر العادي وهو لقمان بن عاد بن عاد ـ وقد رصف أحجاره بالرصاص والحديد (١).
وأيا ما كان الأمر ، فإن القوم بدءوا يستغلون المياه التي أخذت تتجمع خلف السد كالبحر ، فكانوا إذا أرادوا سقي مزارعهم فتحوا من ذلك السد بقدر حاجتهم بأبواب محكمة وحركات مهندسة ، فيسقون حسب حاجتهم ثم يسدونه ، فازدهرت بلادهم فوق ازدهارها الأول ، ويزعم الأخباريون ـ فيما يزعمون ـ أن المرأة إنما كان تخرج ـ إذا أرادت جني شيء من الفاكهة ـ واضعة مكتلها على رأسها ، فتمشي تحت الأشجار ، وهي تغزل أو تعمل ما شاءت ، فلا ترجع إلى بيتها ، إلا وقد امتلأ مكتلها مما يتساقط من الثمار ، ويزيد البعض أنها كانت تروح من قرية وتغدوها وتبيت في قرية لا تحمل زادا ولا ماء ، لما بينها وبين الشام ، وأن بلاد سبأ كانت طيبة لا يرى فيها بعوض ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ولا ذباب ، وكان الركب يأتون وفي ثيابهم القمل وغيره ، فإذا وصلوا إلى بلادهم ماتت ، وهكذا عاش القوم في أطيب عيش وأهنأ حال ، فضلا عن قوة الشوكة واجتماع الكلمة ، لا يعاندهم ملك إلا قصموه ، ولا يوافيهم جبار في جيش إلا كسروه ، فذلت
__________________
حيث كانت تدعى «اون» أو «أويون» واما «بابليون» ولده ، فهذا اسم حصن في مصر القديمة ما تزال بقاياه حتى الآن ، وأما قوله شعرا في النبي عليه الصلاة والسلام ، فهذا من نوع مزاعمهم من نسبة شعر إلى إبليس والى آدم ... ، وهي لا تعدو ان تكون أساطير ، لا تعرف لها نصيبا من صواب ، ثم إن عربية الجنوب تختلف كثيرا عن عربية الشمال ، عربية القرآن الكريم
(١) مروج الذهب ٢ / ١٦٠ ـ ١٦٢ ، تفسير الطبري ٢٢ / ٧٨ ـ ٨٠ ، تفسير روح المغاني ٢٢ / ١٢٦ ، معجم البلدان ٥ / ٣٤ ـ ٣٥ ، الدميري ١ / ٤٤٥ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٥٠ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٢٥٩ ، ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ١٥٩ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٤٨٦ ، تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٥١ ، وفاء الوفا ١ / ١١٧