ربيعة بن حارثة تهامة ، حيث سموا بخزاعة ، واستولوا على مكة من جرهم (١).
تلك هي الروايات التي جاءت عن سيل العرم في الكتب العربية ، موجزة ، وهي روايات لا تكاد تزيد في معظمها عن مجموعة من الخرافات والقصص التي صيغت في جو اسطوري ، حافل بالإثارة ، مجاف للعقل والمنطق ، غاص بالمتناقضات ، ومن ثم فلا يهم أن تكون لها قيمة علمية أو لا تكون ، فذلك شأن من يريدون أن يروها في نصها الراهن على هذا النحو أو ذاك ، ولكن المهم ألا تكون حقائق تاريخية يصدقها الناس تماما ، عن سد مأرب ، وما حدث له من تصدعات في فترات متباينة وفي ظروف مختلفة ، ذلك لأن سهام الريب إنما توجه إليها من كل جانب ، وليس بالوسع القول بأنها ترقى إلى ما فوق مظان الشبهات.
ولعل أهم ما يوجه إليها من نقد ، يمكن حصره في نقاط ، منها (أولا) ذلك الخلاف بين الرواة فيمن بنى السد ، فذهبت رواية إلى أنه سبأ ، وأخرى إلى أنه حمير ، وثالثة إلى أنه لقمان ، ورابعة إلى أنها بلقيس ، ومع ذلك فإن هذه الروايات جميعا ، إنما كانت بعيدة عن الحقيقة التاريخية ـ والمسجلة على السد نفسه ـ وهو أن صاحب الفكرة ومنفذ المشروع ، إنما كان «سمه علي ينوف» في القرن السابع قبل الميلاد ، ثم أخذ خلفاؤه من بعده يضيفون إليه جديدا بعد جديد ، حتى اكتمل في نهاية القرن الثالث الميلادي على أيام «شمر يهرعش» ، كما سنوضح ذلك فيما بعد.
__________________
(١) ياقوت ٥ / ٣٥ ـ ٣٧ ، تفسير الألوسي ٢٢ / ١٣١ ـ ١٣٣ ، تفسير الطبري ٢٢ / ٨٠ ـ ٨٦ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٢٥٩ ، مروج الذهب ٢ / ١٦٧ ـ ١٧٦ ، ابن خلدون ٢ / ٥٠ ، ٥٧ ، ابن كثير ٢ / ١٦٠ ـ ١٦١ ، وفاء الوفا ١ / ١١٧ ـ ١٢٢ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٥ ، الدميري ١ / ٤٤٥ ، ابن هشام ١ / ٨ ـ ٩ ، الإكليل ٨ / ٤١ ، ١١٥ ـ ١١٦ ، الميداني ١ / ١٨٥ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٢٨٥ ـ ٢٩١ ، تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٥٣ ، قارن : نهاية الأرب ٣ / ٢٨٣ ـ ٢٨٨ ، الميداني ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، الدرر الثمينة ص ٣٢٦