بها شعرا ونثرا ـ ومن ثم فقد ذهب بعض علماء العربية في الإسلام إلى إخراج الحميرية واللهجات العربية الأخرى في جنوب شبه الجزيرة العربية من اللغة العربية ، وقصر العربية على العربية التي نزل بها القرآن الكريم ، وعلى ما تفرع منها من لهجات ، ومن هنا يروي «الجمحي» أن أحد علماء العربية سئل عن لسان حمير ، فقال : ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا (١) ، ونستطيع أن نقدم هنا نصين كمثال يثبت مدى الخلاف بين هذه اللهجات ، الواحد من الشمال ، من نصوص المناذرة ، ملوك الحيرة ، والذين يزعم الأخباريون أنهم يمنيون هاجروا بعد خراب السد إلى الحيرة بقيادة مالك بن فهم الارذي ، والثاني من اليمن نفسها ويرجع إلى القرن السادس الميلادي ، وقبيل مولد الرسول ، (صلىاللهعليهوسلم) باكثر من ربع قرن قليلا.
يقول امرؤالقيس بن عمرو ملك الحيرة (٢٨٨ ـ ٣٢٨ م) «تي نفس مر القيس بر عمرو ، ملك العرب كله ، ذو أسر التج وملك الأسدين ونزارو وملوكهم ، وهرب محجو عكدي ، وجابزجي في جج نجرن مدينت شمر ، وملك معدو ، وبين بنيه الشعوب وكلهن فرسولروم ، فلم يبلغ ملك مبلغه ، عكدي هلك سنت ٢٢٣ يوم ٧ بكسلول بلسعد ذو ولده» (٢).
__________________
(١) طبقات الشعراء ص ٤ ، جواد علي ١ / ١٥ ، قارن المسعودي ٢ / ٤٦
(٢) يعرف هذا النقش بنقش النمارة ، وقد اكتشفه «رينيه ديسو» و «فريدريك ماكلر» في عام ١٩٠١ م ، على مبعدة كيلومتر واحد من النمارة القائمة على انقاض مخفر روماني ، شرقي جبل الدروز ، وهو في خمسة أسطر محفور على حجر من البازلت ، وأبعاده هي ٧٣ ، ١ مترا من الطول ، ٤٥ ، ٠ مترا في العرض ، ٤٠ و ٠ مترا في السمك ، ويوجد الآن بمتحف اللوفر بباريس ، من الواضح أن كاتبه نبطي ، لأن الخط المستعمل هو الخط النبطي ، واللغة العربية المستعملة تعرضت هي أيضا لتحريفات نبطية. وانظر عنه :
(أ) ـ حسن ظاظا : الساميون ولغاتهم ، الاسكندرية ١٩٧١ ص ١٦٥ ـ ١٧٣