وتجديده ، وبعد إنفاق أموال طائلة عليه ، واشتغال آلاف من العمال في بنائه ، شيء يدعو إلى التساؤل عن سبب سقوطه أو سقوط جزء منه بهذه السرعة ، وهنا يقدم الباحثون ثلاثة احتمالات ، أولها : أن التصدع إنما كان بسبب سقوط أمطار غزيرة في هذا العام لم يكن في طاقة السد احتمالها ، وثانيها : أن إصلاح السد لم يكن قد كمل تماما ، فسقطت أمطار غزيرة سببت انهيار الأماكن الضعيفة في المواضع التي لم تكن قد تمت ، وثالثها : أن التصدع إنما كان بسبب كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين (١).
وايا ما كان الأمر ، فلقد كان لهذه الأحداث أثر سيّئ على مأرب ، ومن ثم فقد أخذ الناس يرحلون عنها إلى مناطق أخرى مثل «صنعاء» التي بدأ نجمها يتألق حتى صارت فيما بعد مقر الحكام الذين أقاموا في قصر غمدان ، ربما بسبب التحول السياسي الذي أصاب هذا العهد ، وان كان تصدع السد عدة مرات كان هو السبب الأول ، حيث ترك المزارعون أراضيهم التي أصابها التلف والجفاف إلى أرضين أخرى ، فضلا عن اللجوء إلى الهضاب والجبال (٢) ، على أن نص (جلازر ٥٥٤) الذي أشار إلى هذه الأحداث الخطيرة ، لم يشر إلى أسماء القبائل التي هربت من «رحبتن» خوف الموت ، وإن كان يفهم منه أن القبائل التي كانت تسكن هذه المنطقة قد تفرقت وتشتت بسبب ما أصاب السد ، وفي هذا دليل على أن هناك أصلا تاريخيا للروايات العديدة التي يرويها الأخباريون عن تهدم سد مأرب وتفرق سبأ (٣) ، وإن غلب فيها عنصر المبالغة والخيال على عنصر
__________________
(١) جواد علي ٢ / ٥٨٠ ـ ٥٨١ وكذاJ.B.Philby ,op - cit ,P.٨١١
(٢) Le Museon ,٤٦٩١ ,٣ ـ ٤ ,P.٣٩٤
(٣) أنظر :E. Glaser, in Mitteitlungen der Vorderasiatische n lnseschatt, II, ٧٩٨١. P. ٧٨٣ وكذاA.Sprenger ,op - cit.P.٨٢