هجرة كل تلك القبائل من الجنوب الى الشمال والوسط ، ذلك لأن سد مأرب إنما كان يسقي ربوة من الأرض لم تكن مسكنا لكل بطون «الأزد» ومن ثم فإنه يصبح من الصعب أن نقبل القول بأن جميع البطون الأزدية قد هاجرت من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى شمالها ، بسبب؟؟؟ السد وحده ، وانه لمن المحتمل أن تكون هناك أسباب أخرى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ العرم ، واضطرت بعض هذه البطون إلى ترك وطنها والهجرة إلى الأرجاء النائية (١) ، هذا فضلا عن أن المؤرخين الإسلاميين أنفسهم ، إنما يرى الكثير منهم أن القوم لما أصيبوا بكارثة سيل العرم لم يخرجوا جميعا من اليمن ، وإنما بقي فيها الكثير من قبائل حمير وكندة ومذبح وأنمار والأشعريين (٢).
أضف إلى ذلك أن القول بأن قبائل الأزد إنما هاجرت دفعة واحدة ، أمر غير مقبول ، ذلك لأن خزاعة ـ وهي بطن من الأزد ـ كانت تحكم مكة حتى حوالي عام ٤٥٠ م ، وقد استمرت مدة طويلة تلي ذلك الأمر ، رأى البعض أنها ثلاثمائة سنة ، ورأى آخرون أنها خمسمائة سنة ، وهذا يعني أنها هاجرت من اليمن حوالي منتصف القرن الثاني أو في بداية القرن الثالث الميلادي ، وربما في عام ٢٠٧ م ، فيما يرى سديو (٣).
هذا ولا يذهبن بنا الظن إلى اعتبار الهجرات الجنوبية كسيل جارف اتجه من الجنوب إلى شمال الجزيرة العربية ، لأن ظواهر الأمور إنما تدل على أن هناك حركة أكثر تعقيدا ، هي هجرة قبائل كهمدان مثلا ، والتي هاجرت من حضرموت واستقرت فيما بين مأرب ونجران ، حيث طردت قبيلة
__________________
(١) عبد الفتاح شحاتة : المرجع السابق ص ٢٨٣ ، إسرائيل ولفنسون : المرجع السابق ص ٥٤
(٢) ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ١٦١
(٣) احمد إبراهيم الشريف : المرجع السابق ص ٣١٥ ، ابن كثير ٢ / ١٨٣ ، لويس اميل سديو : تاريخ العرب العام ، ترجمة عادل زعيتر