إليه حمير ، ومن أطاعه من قبائل اليمن ، وتقوم الحرب بين الفريقين ، وما هي إلا جولة حتى يكتب النصر للأحباش ، وتكون الهزيمة من نصيب ذي نواس وما أن يرى ذو نواس ما نزل به وبقومه ، حتى يقتحم البحر بفرسه فيغرق ، ويطأ أرياط اليمن بالحبشة ، فيقتل ثلث رجالها ، ويخرب ثلث بلادها ، ويبعث إلى النجاشي بثلث سباياها ، ويقيم بها ويستذل أهلها (١).
على أن هناك رواية أخرى ، تختلف عن الرواية السابقة بعض الشيء ، فهي ترى أن الذي هرب إنما كان «جبار بن فيض» ، وأنه ذهب إلى الحبشة مباشرة ، ومعه الإنجيل قد أحرقت النار بعضه ، وأن ملك الحبشة قد قال له : «الرجال عندي كثير ، وليست عندي سفن ، وأنا كاتب إلى قيصر في البعثة إليّ بسفن أحمل فيها الرجال» ، فكتب إلى قيصر في ذلك! وبعث إليه بالإنجيل المحروق ، فبعث إليه قيصر بسفن كثيرة» (٢).
وتستطرد الرواية فتذهب إلى أن السفن لما قدمت إلى النجاشي من بيزنطة ، حمل فيها جيشه ، فخرجوا الى مضيق باب المندب ، فلما سمع بهم ذو نواس كتب إلى أقيال اليمن يدعوهم إلى نصرته ، وأن يكون أمرهم في محاربة الحبشة ودفعهم عن بلادهم واحدا ، غير أن الأقيال رفضوا الفكرة ، وطلبوا «أن يقاتل كل رجل عن مقولته وناحيته» ، فلما رأى ذو نواس ذلك صنع مفاتيح كثيرة ، ثم حملها على عدد من الإبل ، وخرج حتى لقي عدوه الحبشي ، فقال له : هذه مفاتيح خزائن اليمن قد جئتكم
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ١٢٤ ـ ١٢٥ ، ابن الأثير ١ / ٤٣١ ـ ٤٣٢ ، المعارف لابن قتيبة ص ٢٧٧ ، الكشاف ٢ / ١٥٩٤ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٥٥٠ ، ابن كثير ٢ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، قصص القرآن ص ٢٩١ ـ ٢٩٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٥٩ ـ ٦٠ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، قارن المقدسي ٣ / ١٨٢ ـ ١٨٣
(٢) تاريخ الطبري ٢ / ١٢٤ ، المقدسي ٣ / ١٨٤ ، قارن : تاريخ ابن خلدون ٢ / ٦٠.