سعد : «أدركت الناس متوافرين حين أحرق عثمان المصاحف ، فأعجبهم ذلك ، وقال : لم ينكر ذلك منهم أحد» ، وقال الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ لرجل كوفي عاب عثمان بجمع الناس على المصحف ، «اسكت ، فمن ملأ منا فعل ذلك ، فلو وليت منه ما وليّ عثمان لسلكت سبيله» (١).
ويقرر «نولدكه» أن ذلك كله يعد أقوى دليل على أن النص القرآني على أحسن صورة من الكمال والمطابقة (٢) ، كما يؤكد «لوبلوا» أن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير (٣) ، وكان «سيروليم موير» قد أعلن من قبل : أن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف ، ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر ، بل نستطيع أن نقول إنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة ، فلم يوجد إلا قرآن واحد لجميع الفرق الإسلامية المتنازعة ، وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجة ودليل على صحة النص المنزل الموجود معنا (٤).
وهكذا يبدو واضحا ـ من كل ما سبق ـ أنه ليس صحيحا ما يزعمه البعض من أن جمع القرآن قد تأخر إلى عهد الخليفة عثمان بن عفان (٥) ،
__________________
(١) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١١٧ ، كتاب المصاحف ص ١٣ ـ ١٨ ، فضائل القرآن ص ٢٢ ـ ٢٣ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٢ ـ ٥٤ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٤٥ ـ ٤٦ ، ابن الاثير ٣ / ١١١ ـ ١١٢ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٤ ، مدخل الى القرآن الكريم ص ٤٩ ـ ٥٠
(٢) T.Noeldeke ,op - cit ,P.٣٩
(٣) مدخل إلى القرآن الكريم ص ٤٠ وكذا ، Leblois op - cit ,
(٤) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ٤٠ ، وكذا B. St. Hilaire, Mahomet W. Muir, The Life of Mohammad وكذاet le Koran ,P.٣٣
(٥) عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ١٨ ، وكذاA.Guiltaume ,Islam.P.P.٥٥ ـ ٩٥