أخواتهم أو بناتهم ، ومن ثم فالقصة كانت ـ فيما يزعم هذا الفريق ـ مع المجوس ، وليست مع النصارى ، وأخيرا فإن فريقا رابعا ذهب إلى أن القصة إنما كانت مع الأحباش ، وأن المجزرة إنما كانت بسبب إيمان فريق من الناس بنبي هناك.
ومنها (ثانيا) ذلك الخلاف في مكان الأخدود ، أهو في اليمن أم في الشام أم في فارس أم في الحبشة ، بل إن فريقا خامسا زعم أن أصحاب الأخدود إنما هم «عمرو بن هند» (١) المشهور بمحرق ومن معه ، حين حرقوا مائة من بني تميم (٢)
ومنها (ثالثا) أنه من المعروف تاريخيا أن ذا نواس ، إنما قتل بيد الأحباش على رواية ، وأنه قد ركب فرسه واعترض البحر فاقتحمه ، فكان آخر العهد به ، على رواية أخرى ، غير ان رواية ثالثة إنما تذهب إلى أن نار الأخدود قد ارتفعت فصارت فوق الملك وأصحابه أربعين ذراعا فأحرقتهم (٣).
ومنها (رابعا) تلك الحيلة الساذجة التي يزعم الأخباريون أن ذا نواس قد لجأ إليها للقضاء على الأحباش ، وذلك بإعطائهم مفاتيح خزائن
__________________
(١) هو «عمرو بن المنذر» كان مليكا على الحيرة في الفترة (٥٥٤ ـ ٥٦٩ م) ، وأما «هند» هذه ، فهي امه بنت «عمرو بن حجر آكل المرار» ، عمه امرئ القيس الشاعر المشهور ، وكان «عمرو بن هند» يسمى «مضرط الحجارة» كناية عن قوة ملكه وشدة بأسه ، كما كان يسمى «المحرق» لأنه حرق «بني تميم» ، أو لأنه حرق نخل اليمامة ، وكان جبارا عاتيا ، لا يبتسم ولا يضحك ، ومن ثم فقد كانت العرب تهابه وتخشاه (حمزة الأصفهاني : تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء ص ٧٢ ، ابن قتيبة : المعارف ص ٢٨٣ ، المقدسي : البدء والتأريخ ٣ / ٢٠٣)
(٢) تفسير القرطبي ١٩ / ٢٩٠ ، تفسير الطبري ٣٠ / ١٣١ ـ ١٣٣ ، تفسير روح المعاني ٣٠ / ٨٨ ـ ٩٠
(٣) تفسير القرطبي ١٩ / ٢٨٩