اليمن محملة على جمال عدة ، ثم أمر نوابه في الأقاليم بقتل رسل القائد الحبشي ثم كيف قبل أرياط هذه الحيلة الساذجة ، وهل تحتاج خزائن اليمن إلى مفاتيح تحمل على جمال عدة.
ومنها (خامسا) أن أصحابنا الأخباريين لم يبينوا لنا لما ذا أراد النجاشي من قائدة أن يقتل له ثلث رجال اليمن ، وأن يخرب ثلث بلادهم ، وأن يسبي ثلث النساء والأطفال ، ثم ما الهدف من هذا النظام الثلاثي في العقوبة ، وكيف يمكن تحديد هذا الثلث ، وبخاصة في الرجال والنساء والأطفال ، وأخيرا ما هو المصدر الذي اعتمدوا عليه في هذه الرواية ، بل وفي غيرها من الروايات.
ومنها (سادسا) من الذي نجا من مذبحة ذي نواس؟ أهو «دوس ذو ثعلبان» أم «جبار بن فيض» ، ثم إلى أين ذهب هذا الذي نجا ، ألملك الحبشة ، أم لقيصر الروم؟ ومنها (سابعا) كيف حدد أصحاب هذه الروايات عدد القتلى في مذبحة نجران بعشرين ألفا ، أهو مجرد رقم ؛ أم أن لهم مصدرا اعتمدوا عليه في تحديد هذا الرقم؟ إن الوثائق لم تتحدث عن عدد القتلى ، ومن ثم فأكبر الظن أنه مجرد رقم ، أريد به المبالغة في تصوير المذبحة الرهيبة ، ذكره بعض الأخباريين ، ثم تابعه الآخرون في ذكره ، بل إن بعضهم ذهب إلى أنهم اثنا عشر ألفا ، بينما ذهب الخيال بفريق ثالث حدا جعله يقرر أن من قتلهم ذو نواس ، إنما كانوا سبعين ألفا (١) ، وعلى أية حال ، فالدكتور إسرائيل ولفنسون إنما يعترض على هذه الأرقام ، ويرى أن عدد القتلى مبالغ فيه ، وأن نجران لم تكن سوى بلدة صغيرة ، لا يزيد عدد سكانها عن بضع مئات ، فضلا عن أن ذا نواس لم يقتل كل أهالي نجران ، بدليل أنهم ذكروا في أخبار صدر الإسلام (٢) ،
__________________
(١) تفسير القرطبي ١٩ / ٢٩٢ ، تفسير الفخر الرازي ٣١ / ١١٨ ، تفسير الألوسي ٣٠ / ٨٩
(٢) إسرائيل ولفنسون : المرجع السابق ص ٤٥ ، ابن هشام ٢ / ١٦٥