مربعة ، عشر أذرع في عشر ، تغشي عين من ينظر إليها من بطن القبة ، تؤدي ضوء الشمس والقمر إلى داخل القبة وكان تحت القبة منبر من شجر اللبخ ـ وهو عندهم الأبنوس ـ مفصد بالعاج الأبيض ، ودرج المنبر من خشب الساج ملبسه ذهبا وفضة ، وكان في القبة سلاسل من فضة (١).
وفي الواقع فإنه رغم ما في وصف الأخبارين للقليس من مبالغات ، فإن القصر كان حقا ، عصر بناء الكنائس الضخمة التي أنشئت في العالم المسيحي ، وأهمها كنيسة «أيا صوفيا» في القسطنطينية ، وكنيسة «المهد» في بيت لحم ، اللتان تعودان إلى عهد الأمبراطور «جستنيان» (٥٢٧ ـ ٥٦٥ م) ، والتي تأثرت جميعها بالفن البيزنطي ، وإن جمعت كنيسة «القليس» بين الفن العربي القديم ، والفن البيزنطي النصراني في بناء الكنائس.
هذا وقد لجأ أبرهة في بناء القليس إلى السخرة ، فضلا عن القسوة الشديدة ، التي كانت تصل إلى حد قطع يد العامل ، إن تهاون أو تكاسل في عمله ، ويروي «ياقوت الحموي» أن أبرهة قد استذل أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة ، وجشمهم فيها أنواعا مختلفة من السخرة ، وكان ينقل إلى كنيسته هذه آلات البناء كالرخام أو الحجارة المنقوشة بالذهب ، من قصر بلقيس صاحبة سليمان عليهالسلام ، وكان من موضع هذه الكنيسة على فراسخ ، وكان فيه بقايا من آثار ملكهم ، فاستعان بذلك على ما أراده من بناء هذه الكنيسة وبهجتها وبهائها (٢).
__________________
(١) ابن الأثير ١ / ٤٤٢ ، الازرقي ١ / ١٣٨ ـ ١٣٩ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، النويري ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ، على الجارم أديان العرب ص ٣٥ ، ابن سعد ١ / ٥٥ وكذاH.Scott ,in the High Yemen London ,٧٤٩١ ,P.٢١٢
(٢) ياقوت ٤ / ٣٩٤ ـ ٣٩٦ ، روح المعاني ٣٠ / ٢٣٣