يُؤْمِنُونَ) (١) ويقول (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ» (٢).
ومن هنا فليس صحيحا ما ذهب إليه البعض ، من أن المنطق العاطفي هو الذي يسود القصة التاريخية في القرآن الكريم ، ومعنى هذا أن القصص التاريخي في القرآن ، إنما هو قصص أدبي أولا وأخيرا ، وأن الأساس الذي كان يلحظه القرآن دائما في نفوس المعاصرين للنبي عليه الصلاة والسلام ، إنما هو القدرة على التأثير (٣) وأن مقابلة القصص القرآني وأحداثه وشخصياته بالحقائق التاريخية يكشف عن مفارقات كبيرة تفتح المجال لمن يريدون أن ينالوا من القرآن وأن يشككوا في صحته ، وفي صدق النبي ، وأنه تلقى القرآن من السماء (٤) ، ذلك لأنك إن قرأت ما ورد في القرآن الكريم من قصص ، فإنك لن تجد شيئا من المبالغات التي وصلت إلينا في كتب التاريخ ، أو في توراة اليهود المتداولة اليوم ، فضلا عن أن ما ذكره القرآن الكريم صحيحا تؤيده الاكتشافات الحديثة (٥) ومن عجب أن المستشرقين إنما قد سبقوا أصحاب هذا الإتجاه ، إلى الشك فيما جاء في القرآن الكريم ، وليس له نظير في التوراة ـ كقصة عاد وثمود ـ ثم سرعان ما تبيّن لهم أن عادا وثمودا مذكورتان في جغرافية بطليموس ، وأن هناك الكثير من النصوص التاريخية التي تتحدث عن ثمود ـ كما سنرى فيما بعد ـ فضلا عن أن الكتاب اليونان والرومان ، إنما ذكروا اسم عاد مقرونا باسم إرم ، كما جاء في القرآن الكريم (٦) وصدق الله العظيم ، حيث
__________________
(١) سورة الجاثية : آية ٦
(٢) سورة محمد : آية ٢
(٣) محمد احمد خلف الله : الفن القصصي في القرآن ص ١٣٧ ـ ١٣٨ ، ٢٤٨ ، ٣٠٥ ، ٣٣٧
(٤) مقدمة كتاب الفن القصصي في القرآن ، وكذا ص ١٧٤ ـ ١٧٧ ، عبد الكريم الخطيب : القصص القرآني ص ٢٩٥ ، ٣٢٠ ـ ٣٣٩. وراجع : محمود شلتوت : تفسير القرآن الكريم ، القاهرة ١٩٧٣ ص ٤٥ ـ ٥٠ ، ٢٧٣ (رأيه في الأمثال المضروبة في القرآن).S. Tisdall, The Sources of the Koran, P. ٦ IFF
(٥) جرجي زيدان : العرب قبل الإسلام ص ١٣
(٦) عباس العقاد : مطلع النور ، أو طوالع البعثة المحمدية ص ٦١