عزوجل (١).
والحقيقة غير ذلك تماما لأسباب كثيرة ، منها (أولا) أن الرسول (صلىاللهعليهوسلم) لم يغادر مكة ، إلا في رحلة يحيط بها الشك ، صاحب فيها عمه أبا طالب ، وهو في التاسعة من عمره (٢) ، وثانية وهو في الخامسة والعشرين في فترة قصيرة كان لا يكاد ينفك فيها عن قومه ورفاقه ، وقد ذهب بعض المستشرقين ـ ومنهم جولدتسهير ـ (٣) إلى أن لهذه الرحلة أثرا في نظام النبي الإصلاحي ، غير أن بعضا آخر ، إنما يشك في ذلك لعدم وجود أية إشارة في القرآن الكريم عن المظاهر الخارجية للديانة المسيحية ، وإن كان يتوسع في الحديث عن أعماق روح المسيحية الشرقية (٤) ، والواقع أن الرسول (صلىاللهعليهوسلم) حتى لو افترضنا جدلا بأنه قد اتصل بالمسيحية في ذلك الوقت ـ وهذا ما نرفضه ـ فإنه سوف لا يجد ـ فيما يرى سال ـ إلا ما ينفره من المسيحية ، بسبب أطماع رجال الدين ، والانشقاق بينهم والخلافات على أتفه الأسباب ، وكان المسيحيون في تحفزهم لإرضاء شهواتهم ، قد انتهوا تقريبا إلى طرد المسيحية ذاتها من الوجود ، بفضل جدالهم المستمر حول
__________________
(١) من عجب أن الدكتور البوطي ينقل كل ذلك دون تعليق ، والمستشرقون المبغضون للقرآن لم يقولوا اكثر من ذلك ، فضلا عن أن الجملة التي جاءت في كتاب «الظاهرة القرآنية» لا تعني ما ذهب إليه ، وإن اقتربت منه
(٢) يتفق الباحثون الآن على أن مقابلة بحيري الراهب ـ إن صحت ـ فهي لا تعدو نبوءة في مضمونها توقع بعثة هذا الشاب (أي محمد) رسولا في المستقبل (انظر : هيورات : مصدر جديد للقرآن ، الجريدة الأسيوية ، عدد يوليو ـ اغسطس ١٩٠٤)
(٣)Goldziher, le Dogme et la Loide L\'Islam, P. ٤ Sprenger, Cite Par Huart, one Nouvelle Source Du Koran, P. ٨٢١ وكذاT. Andrae, Mohomet, Sa vie et Sa Doctrine, P. P. ٧٣ ـ ٨. وكذا