طريقة فهمها (١) ، وهكذا ـ وكما يقول تايلور ـ إن كل ما كان يقابله محمد (صلىاللهعليهوسلم) وأتباعه في كل اتجاه ، لم يكن إلا خرافات منفرة ، ووثنية منحطة ومخجلة ، ومذاهب كنسية مغرورة ، بحيث شعر العرب ذو العقول النيرة ، بأنهم رسل من قبل الله مكلفين بما ألم بالعالم من فساد ، وعند ما أراد «موشايم» وصف هذا العصر ، رسم صورة مقارنة ، أبرز فيها التعارض بين المسيحيين الأوائل والأواخر ؛ وخرج بأن الديانة الحقيقية في القرن السابع الميلادي ، كانت مدفونة تحت أكوام من الخرافات والأوهام ، حتى إنه لم يكن في مقدورها أن ترفع رأسها (٢) ، وكما يقول الدكتور محمد عبد الله دراز ، إن هذه الصفحات تبدو ، وكأنها كتبت لتفسر الآية الكريمة (٣) (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ ، فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ، فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ» (٤) ، ولعل كل هذه الأسباب هي التي دفعت «هوارت» إلى أن يقرر في النهاية أنه مهما كان إغراء الفكرة التي تقول بأن تفكير المصلح الشاب (يعني رسول الله (صلىاللهعليهوسلم)) قد تأثر بقوة عند ما شاهد تطبيق الديانة المسيحية بسورية ، فإنه يتحتم استبعادها ، نظرا لضعف الوثائق والأسس التاريخية الصحيحة (٥).
__________________
(١) Georges Sale, Observations Historiques et Critiques sur le mahometisme, p. ٨٦ ـ ١٧
(٢) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ١٣٥ ـ ١٣٨
(٣) نفس المرجع السابق ص ١٣٨
(٤) سورة المائدة : آية ١٤ وانظر : تفسير الطبري ١٠ / ١٣٥ ـ ١٤٠ (دار المعارف ـ القاهرة ١٩٥٧) ، تفسير الكشاف ١ / ٦١٦ ـ ٦١٧ (دار الكاتب العربي ، بيروت) ، تفسير روح المعاني ٦ / ٩٥ ـ ٩٧ (دار احياء التراث العربي ، بيروت) ، تفسير مجمع البيان ٦ / ٥٤ ـ ٥٥ (دار مكتبة الحياة ، بيروت ١٩٦١) ، في ظلال القرآن ٦ / ١٠٤ ، ١٠٧ ـ ١٠٨ (دار احياء التراث العربي ، بيروت ١٩٦١) ، تفسير الجواهر (طنطاوي جوهري) ٣ / ١٥١ (المكتبة الاسلامية ـ طبعة ثالثة ١٩٧٤)
(٥) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ١٣٨ وكذا Huart, une nouvelle Source du Koran, ٤٠٩١, P. ٩٢١