في التوراة ، وعلى سبيل المثال ، لا الحصر ، فإن القرآن وحده هو الذي يذكر أن نوحا ـ عليهالسلام ـ إنما كان رسولا من رب العالمين ، وأنه قد قضى من الوقت ـ ما شاء الله له أن يقضي ـ في دعوة قومه إلى عبادة الله الواحد القهار ، وأن الله ـ جل وعلا ـ لم يأت بالطوفان إلا بعد أن تحمل النبي الكريم في سبيل دعوته كل صنوف الأذى والاضطهاد ، وإلا بعد أن جرب النبي الكريم كل سبل الإقناع دونما أية نتيجة ، وإلا بعد أن يئس النبي من أن يؤمن به قومه (١) ، وإلا بعد أن أوحى إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (٢) ، وهكذا اتبع النبي الكريم كل ما يمكن اتباعه ، تصديقا لقوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٣) ، والأمر غير ذلك تماما في التوراة (٤).
هذا فضلا عن أن القرآن الكريم هو وحده الذي يؤكد ـ التأكيد كل التأكيد ـ أن الناجين من الطوفان ، إنما نجوا لأنهم آمنوا بالله العزيز الحكيم ، بل إن القرآن ليقص علينا ـ من بين ما يقص من أحداث ـ ما وقع مع ابن النبي الكريم ، وكيف كان من الغارقين (٥) ، عملا بالمبدإ الإسلامي العظيم ، (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ، وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» (٦).
__________________
(١) سورة نوح : آية ١ ـ ٢٧
(٢) سورة هود : آية ٣٦
(٣) سورة الاسراء : آية ١٥
(٤) أنظر مقالنا «قصة الطوفان بين الآثار والكتب المقدسة» مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية ـ العدد الخامس ـ الرياض ١٩٧٥ ص ٤٤٨
(٥) سورة هود : آية ٢٥ ـ ٤٨
(٦) سورة فصلت : آية ٤٦