تلك الملامح الروحية التي تتميز بها القصة القرآنية ، فضلا عن أن شخصية يوسف النبي ، أكثر وضوحا في القصة القرآنية (١) ، منها في رواية التوراة ، ومنها (ثانيا) أن حب يعقوب ليوسف إنما تصوره التوراة ، على أن الصديق إنما كان يأتي لأبيه «بنميمة أخوته الرديئة» ، ولأنه ابن شيخوخته ، في الدرجة الأولى ، ثم رؤيا يوسف في الدرجة الثانية (٢) ، وأما في القرآن الكريم ، فإن السبب إنما هو الرؤيا الصادقة ، ثم احساس عميق من يعقوب النبي ، بما سوف يكون للصديق من مستقبل في عالم النبوة وتأويل الأحاديث (٣) ، ومنها (ثالثا) أن القرآن الكريم وحده هو الذي يشير إلى أن مؤامرة اخوة يوسف عليه ، إنما بدأت قبل ان يذهب معهم ، فضلا عن توضيح رأي أبناء يعقوب في أبيهم ، ولنقرأ هذه الآيات الكريمة (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ، إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) (٤).
ومنها (رابعا) إن قصة التوراة تذهب إلى أن يعقوب هو الذي طلب من يوسف أن يذهب إلى إخوته الذين يرعون أغنامهم عند شكيم (٥) ـ والتي يحتمل أنها تل بلاطة شرق نابلس الحالية ـ بينما يرى القرآن الكريم أن
__________________
(١) راجع عن تفسير سورة يوسف : تفسير المنار ١٢ / ٢٥١ ـ ٣٢٤ ، ١٣ / ١ وما بعدها+ تفسير سورة يوسف لرشيد رضا ، تفسير البيضاوي ١ / ٤٨٦ ـ ٥١١ ، تفسير الطبري ١٢ / ١٤٩ ـ ٢٣٨ ، ١٣ / ١ ـ ٩١ ، تفسير القرطبي ٩ / ١١٨ ـ ٢٧٧ ، تفسير الآلوسي ١٢ / ١٧٠ ـ ٢٦١ ، ١٣ / ١ ـ ٨٤ مؤتمر تفسير سورة يوسف (جزءان) ، تفسير النسفي ٢ / ٢١٠ ـ ٢٤١
(٢) تكوين ٣٧ : ٢ ـ ١١
(٣) سورة يوسف : آية ٦
(٤) سورة يوسف : آية ٧ ـ ٩
(٥) تكوين ٣٧ : ١٢ ـ ١٦