أخوة يوسف هم الذين طلبوا من أبيهم أن يذهب يوسف معهم ، لأن أباه إنما كان يخشى عليه من حقدهم ، (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ ، أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) ، ومنها (خامسا) أن القرآن الكريم إنما يشير إلى ارتياب يعقوب في بنيه عقب تنفيذ المؤامرة ـ فضلا عن ارتيابهم في أنفسهم ـ (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ ، وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ، قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) (٢) ، بينما تشير رواية التوراة إلى سرعة تصديق يعقوب لفرية أولاده ، ويأسه عقب المؤامرة (٣) ، «فتحققه (أي قميص يوسف) وقال قميص ابني وحش رديء أكله ، افترس يوسف افتراسا فمزق يعقوب ثيابه ووضع مسحا على حقويه ، وناح على ابنه أياما كثيرة» ومنها (سادسا) أن الحيوان الذي ألصقت به تهمة قتل يوسف ، إنما هو «تيس من المعزى» في التوراة (٤) ، ولكنه الذئب في القرآن الكريم (٥).
ومنها (سابعا) أن التوراة في عرضها لقصة يوسف مع امرأة العزيز ، لم تحاول أن تركز على براءة يوسف ، كما فعل القرآن الكريم الذي عرض البراءة في جلاء ووضوح ، ومنها (ثامنا) أن القرآن الكريم يصور لنا يوسف بعد حادث المراودة ، وهو يفر من أمام امرأة العزيز ، غير أنها سرعان ما تلحق به ، فتتعلق بقميصه ، ويتمزق منه ما علقت يدها به ، وهنا يصل العزيز ويفاجأ بما لا يتصوره ، فتبادر المرأة إلى دفع التهمة عن نفسها ، وترمي بها على يوسف في جرأة ، ثم لا تنتظر رأي العزيز في
__________________
(١) سورة يوسف : آية ١١ ـ ١٢.
(٢) سورة يوسف : آية ١٧ ـ ١٨.
(٣) مالك بن نبي : المرجع السابق ص ٣٠٢.
(٤) تكوين ٣٧ : ٣٣ ـ ٣٤.
(٥) تكوين ٣٧ : ٣١.
(٦) سورة يوسف : آية ١٣ ـ ١٤ ، ١٧.