وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ، إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً ، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (١).
ومنها (عشرون) أن قصة التوراة تتحدث دائما عن ملك مصر ، على أنه فرعون مصر (٢) ، بينما يتحدث القرآن على أنه الملك وليس الفرعون (٣) ، ويرى الأستاذ حبيب سعيد أن هذه كانت هي العادة المتبعة في القرنين التاسع عشر والثامن عشر ق. م (٤) ، والحقيقة غير ذلك تماما ، فمن المعروف تاريخيا أن كلمة «فرعون» في صيغتها المصرية ، «بر ـ عا» أو «بر ـ عو» ، كانت تعني ـ بادئ ذي بدء ـ البيت العالي ، أو البيت العظيم ، وكانوا يشيرون بها إلى القصر الملكي ـ وليس إلى ساكنه ـ ثم سرعان ما تغيرت وغدت تعبيرا محترما ، يقصد به الملك نفسه ، وذلك منذ الأسرة الثامنة عشرة (٥) ، وأما متى حدث هذا التغيير في استعمال لقب فرعون ، فإن «سير ألن جاردنر» ـ العالم الحجة في اللغة المصرية القديمة ـ يحدد ذلك بعهد الفرعون «تحوتمس الثالث» (١٤٩٠ ـ ١٤٣٦ ق. م) ، حيث بدئ في إطلاق الاصطلاح «أي فرعون) على الملك نفسه ثم في عهد الداعية الديني المشهور «أخناتون» (١٣٦٧ ـ ١٣٥٠ ق. م) ، مستندا في ذلك على خطاب من عهده ، ثم استعمل منذ الأسرة التاسعة عشرة
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٩٩ ـ ١٠١ ، وانظر : تفسير الطبري ١٦ / ٢٦٤ ـ ٢٧٧ (دار المعارف ـ القاهرة ١٩٦٩)
(٢) تكوين ٤٠ : ٧ ـ ٤١ : ١٥ ، ٤٦ : ٣١ ـ ٥٠ : ٧
(٣) سورة يوسف : آية ٤٣ ، ٥٠ ، ٥٤ ، ٧٢ ، ٧٦
(٤) حبيب سعيد : المدخل الى الكتاب المقدس ص ٧٦
(٥) J. A. Wilson, The Culture of Ancient Egypt, Chicago, ٣٦٩١, P. ٢٠١