وهكذا يبدو بوضوح أن القرآن الكريم مصدر لا يرقى إليه الشك بحال من الأحوال ، يحدثنا عن أقوام بادت ، وعن أحداث جرت في عصور ما قبل الإسلام ، ثم إنه مرآة صادقة للحياة في الجاهلية ، حيث يصور لنا الحياة الدينية والاقتصادية والاجتماعية والعقلية أصدق تصوير (١) ، ففي القرآن الكريم ذكر لبعض أصنام أهل الحجاز ، وذكر لجدلهم مع الرسول صلىاللهعليهوسلم في الإسلام ، وفي الحياة ، وفي المثل الجاهلية ، كما تعرض القرآن الكريم لنواح اقتصادية وسياسية عندهم فضلا عن أمور جاهلية ، تتصل بمعارضة قريش للقرآن والإسلام.
وقد تعرض الإسلام للقانون الجاهلي ، وبعبارة اخرى لعرف العرب وتقاليدهم في الجاهلية ، وأقر بعضا ، وأنكر بعضا ، وعدّل بعضا ، ومثال ما عدّله الإسلام بعض شريعة الجاهلية في الحج والزواج والطلاق والمهر والخلع والايلاء ، وألغى نظام التبني المعروف في الجاهلية وغير ذلك (٢) ، وكل تلك أمور يستطيع المؤرخ عن طريق دراستها أن يتعرف ما كان عليه القوم في جاهليتهم ، ومن ثم يستطيع التعرف على كثير من أحوالهم الاجتماعية.
وبدهي أننا لا نستطيع الافادة من القرآن الكريم على الوجه الصحيح ،
__________________
بيروت ١٩٦١) : في ظلال القرآن ٢١ / ٢٧٥٣ ـ ٢٧٥٩ ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥ / ١٥٠ ـ ١٥٣ ، تفسير النسفى ٣ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧ (طبعة الحلبي) ، تفسير أبي السعود ٤ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، تفسير الطبرسي ٢١ / ٥ ـ ٩ ، تيسير العلي القدير ٣ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ، تفسير المنار ٤ / ٤٧ ـ ٥٨ ، تفسير القرطبي ص ١٤١٦ ـ ١٤١٧ (دار الشعب) تفسير ابن كثير ٢ / ٧٧ ـ ٨٦ (دار الشعب) ، تفسير الكشاف ١ / ٣٦٦ ؛ ٤٠١ ـ ٤٠٢ ، ٦١٦ (دار الكاتب العربي ـ بيروت) ، ٣ / ٢١٣ ـ ٢١٥ مدخل الى القرآن الكريم ص ١٧٧ ـ ١٨١ ، القصص القرآني ص ٤٩ ـ ٥٠ ، التبيان في علوم القرآن ص ١٢١ ـ ١٢٧
(١) احمد إبراهيم الشريف : مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ص وـ ط.
(٢) احمد أمين : فجر الإسلام ص ٢٢٧