لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً» (١) ، وذلك لأن السنة ـ كما يقول الامام احمد بن حنبل ـ تفسر الكتاب وتبيّنه (٢) ، ويقول الإمام الشافعي إن الله سبحانه وتعالى ، يقول في كتابه الكريم : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ» ويقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ» ، ثم بيّن على لسان نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم عدد ما فرض من الصلوات ومواقيتها وسننها ، وعدد الزكاة ومواقيتها ، وكيفية أداء الحج والعمرة ... وهكذا (٣) ، ومن هنا كان الحديث الشريف هو المصدر الثاني للشريعة الاسلامية ، ثم هو أصدق المصادر التاريخية ـ بعد القرآن الكريم ـ لمعرفة التاريخ العربي القديم فى عصوره القريبة من الإسلام بالذات.
غير أن الحديث الشريف لم يدون على أيام النبي صلىاللهعليهوسلم كما دون القرآن الكريم ، حتى لا يتخذ المسلمون مع القرآن كتابا يضاهى به ، وحتى لا يعتمد الصحابة على الكتابة ، فينصرفوا عن حفظ الحديث (٤) ، ومن ثم وجدنا أحاديث تنهى عن تدوين الحديث ، منها ما رواه مسلم ـ عن أبي سعيد الخدري ـ من أن النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، قال : «لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني فلا حرج ، ومن كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار» (٥).
__________________
(١) سورة الأحزاب : آية ٣٦
(٢) تفسير القرطبي ١ / ٣٩
(٣) محمد يوسف محمد : منزله السنة من الكتاب ، ص ٢٠ ـ ٢٣ من كتاب دفاع عن الحديث النبوي
(٤) ابن عبد البر : جامع بيان العلم وفضله ١ / ٦٨ ، وانظر : سنن الدارمي ٢ / ٩١ طبع الهند ، تذكرة الحفاظ للذهبي ١ / ٣ ، ٥ ، تقييد العلم ص ٢٧ ، محمود ابو رية : المرجع السابق ص ٤٦ ـ ٥٣
(٥) ابن كثير ١ / ٦ ، صحيح مسلم ٤ / ٢٩٨ ، تفسير القرطبي ١ / ٨٠ ، فتاوى ابن تيمية ١٣ / ٣٦٦ ، قارن : تأويل مختلف الحديث ص ٤٩ ، مشكل الآثار للطحاوي ١ / ١٧١ ، ابن سعد ٢ / ٧٤ ، ٧٥ ، بحوث في تاريخ السنة ص ١٤٢ ، أبو رية : المرجع السابق ص ٥٩ ـ ٦٥