ومع ذلك فهناك ما يدل على أن صحفا من الحديث قد كتبت على عهد رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، منها ما كتبه رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأهل نجران عند ما صالحهم ، وما كتبه لثقيف ولأهل دومة الجندل ولأهل هجر (١) ، فضلا عن الرسائل التي ارسلها للملوك والأمراء ، والوثيقة التي بيّن فيها حقوق المسلمين والمشركين واليهود في المدينة عند ما قدمها (٢) ، وما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص من أنه كان يكتب كل ما سمع من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٣) ، بل إن هناك من يذهب إلى أن أبا هريرة قد كتب كذلك ، ورغم أنه نفسه لا يكتب ، فإنهم يعللون ذلك بأنه قد تعلم الكتابة بعد ذلك (٤)
هذا إلى جانب أن هناك ما يشير إلى أن عبد الله بن مسعود ، وسعد بن عبادة كانا يكتبان (٥) ، فضلا عن خطبة النبي صلىاللهعليهوسلم التي كتبت لأبي شاه اليمني (٦) ، وما كتبه الرسول لبعض عماله من كتب حدد فيها مقادير الزكاة في الإبل والغنم ، وأخيرا فإن الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ كانت عنده صحيفة فيها أحكام الدية ، كما كان عند أبي رافع مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتاب فيه استفتاح الصلاة ، بالإضافة إلى صحف سمرة بن جندب ، وجابر بن عبد الله (٧) ، ويعلل بعض العلماء لهذا الخلاف في أن
__________________
(١) أنظر : الأموال لأبي عبد الله ص ٢٧٢ ، ٢٧٦ ، ٢٨٢ ، ٢٨٧
(٢) نهاية الارب ١٨ / ١٥٩ ـ ١٦٩
(٣) صحيح البخارى ١ / ٣٤ ، جامع بيان العلم ١ / ٧٠ ـ ٧١ ، ابن سعد ٧ / ١٨٩ أسد الغابة ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤
(٤) دفاع عن الحديث ص ١٦ ، فتح الباري ٢ / ١٦٧ ، جامع بيان العلم ١ / ٧٠.
(٥) ابن عبد البر ١ / ٧٢ ، مسند الإمام احمد ٥ / ٢٨٥ ، قارن : مقدمة ابن الصلاح ص ١٧٠ ، الباعث الحثيث ص ١٤٨ ، دفاع عن الحديث ص ١٥
(٦) صحيح البخارى ٣ / ١١٠
(٧) بحوث في تاريخ السنة ص ١٤٧ ، دفاع عن الحديث ص ٥٠