النهي عن الكتابة ، إنما كان وقت نزول القرآن ، خشية التباس القرآن بالحديث (١).
وهناك ما يشير إلى أن تدوين الحديث ، إنما بدأ التفكير فيه على أيام الفاروق عمر بن الخطاب (١٣ ـ ٢٣ ه ـ ٦٣٤ ـ ٦٤٤ م) ، ولكن الخليفة الراشد سرعان ما عدل عن ذلك ، حتى لا ينصرف الناس عن كتاب الله (٢) ، ثم تجددت الفكرة على أيام عمر بن عبد العزيز (٩٩ ـ ١٠١ ه ـ ٧١٧ ـ ٧١٩ م) ، وكما يروي أبو نعيم ـ في تاريخ اصفهان ـ أن الخليفة قد كتب إلى أهل الآفاق : أنظروا إلى حديث رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، فأجمعوه ، وطبقا لرواية الإمام البخاري ، فإن عمر قد كتب إلى أبي بكر بن حزم ـ نائبه في الامارة والقضاء على المدينة ـ أن «أنظر ما كان من سنة أو حديث فأكبته ، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء» ، غير أن الأمر لم يتم بسبب موت الخليفة ، وتنحية ابن حزم عن إمارة المدينة ، على أيام يزيد بن عبد الملك ، وبقي الأمر كذلك إلى أن تولى هشام بن عبد الملك (١٠٥ ـ ١٢٥ ه ـ ٧٢٤ ـ ٧٤٣ م) ، فجدّ في ذلك الأمر «ابن شهاب الزهري» (ت ١٢٤ ه) ، وإن كان هناك ما يشير الى أنه قد أكره على ذلك في أول الأمر ، غير أن هذه الكراهية ما لبثت أن صارت رضا (٣).
وبقي الأمر كذلك ، حتى جاء أبو جعفر المنصور العباسي
__________________
(١) أحمد أمين : فجر الإسلام ص ٢٠٩ ، قارن : تأويل مختلف الحديث ص ٣٩٦ ، وأنظر المسند ١٠ / ٧٦٦
(٢) ابن عبد البر ١ / ٦٤ ـ ٦٥ ، تقييد العلم ص ٥٢ ، أضواء على السنة المحمدية ص ٤٧
(٣) نفس المرجع السابق ص ٢٥٨ ـ ٢٦٢ ، إرشاد الساري شرح القسطلاني ١ / ٧ ، تقييد العلم للخطيب البغدادي ص ١٠٧ ، ابن عبد البر ١ / ٧٧ ، صحيح البخاري : باب العلم ، الأحياء للغزالي ١ / ٧٩ ، مقدمة المصحح لكتاب معرفة علوم الحديث ص ي ، صبحي الصالح : مباحث في علوم الحديث : ص ٣٨ ـ ٤٠ ، محمد الصباغ : الحديث النبوي ص ١٢٠ ـ ١٢٢