(١٣٦ ـ ١٥٨ ه ـ ٧٥٤ ـ ٧٧٥ م) ، الذي أراد أن ينسخ من موطأ مالك ، الذي كتبه عام ١٤٨ ه ، نسخا توزع على الأمصار ، ليعمل الناس بها دون غيرها ، إلا أن الإمام مالك قد رفض الفكرة من المنصور ، كما رفضها من الرشيد (١٧٠ ـ ١٩٣ ه ـ ٧٨٦ ـ ٨٠٩ م) من بعده ، وذلك حين شاوره في أن يعلق الموطأ في الكعبة ، ويحمل الناس على ما فيه ، فأبى الإمام مالك ، لأن أصحاب رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، قد اختلفوا في الفروع ، وتفرقوا في البلدان ، وكل مصيب (١).
وعلى أي حال ، فلقد تمّ تدوين الحديث في القرن الثاني الهجري ، ويروي ابن حجر في شرح البخاري أن أول من جمع ذلك الربيع بن صبيح (ت ١٦٠ ه) وسعيد بن أبي عروبة (١٥٦ ه) ، إلى أن انتهى الأمر إلى كبار الطبقة الثالثة ، من أمثال الإمام مالك (٩٣ ـ ١٧٩ ه) بالمدينة ، وعبد الملك بن جريح (ت ١٥٠ ه) بمكة ، والأوزاعي (ت ١٥٦ أو ١٥٧ ه) بالشام ، وسفيان بن الثوري (ت ١٦١ ه) بالكوفة ، وحماد بن سلمة بن دينار (ت ١٦٧ ه) بالبصرة ، والليث بن سعد (ت ١٧٥ ه) بمصر ، وهيثم (ت ١٨٨ ه) بواسط ، ومعمر باليمن (ت ١٥٣ ه) وابن المبارك (ت ١٨١ ه) بخراسان ، وجرير بن عبد الحميد بالري ، وكل هؤلاء من رجال القرن الثاني ، وكانت مجموعات الحديث لهم مختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ، ثم تلاهم كثير من الأئمة في التصنيف كل على حسب ما سنح له وانتهى إليه علمه (٢).
__________________
(١) احمد امين : المرجع السابق ص ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، حياة محمد ص ٦٦ ـ ٦٧ ، محمود ابو رية : المرجع السابق ص ٢٩٨ ، الحافظ بن عبد البر : كتاب الانتقاد ص ٤١ ، مباحث في تدوين السنة المطهرة ص ١٨٦
(٢) فجر الاسلام ص ٢٢٢ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٠١ ، النجوم الزاهرة ١ / ٣٥١ ، دفاع عن الحديث ص ٧٣ ـ ٧٤ ، كتاب معرفة علوم الحديث ص ي ـ يا